Saturday 21st February,200411468العددالسبت 1 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
الخلع في محاكمنا
فاطمة العتيبي

** اصبري.. فالطلاق أبغض الحلال عند الله..
وهذا زوجك وأبو عيالك وليس من اللائق أن تُطلق المرأة بعد هذا العمر..
* تخرج هذه المرأة.. وبعد سنوات قليلة..
تتدلى رقبتها نحو الأرض..
ويخفت صوتها وبريق الحياة في جسدها.. وتغيب كل الأحلام عن عينيها..
وتعاودها نوبات اختناق متكررة.. وأرق طويلة.. تتردد على الأطباء النفسيين.. وتسوء حالتها أكثر..
فيطلقها الزوج.. أو يتزوج بأخرى ويتركها وسط أولادها محالة إلى التقاعد!
** قد نقبل في حالات أن يكون هذا الكلام الذي يصبّ دائماً في نهر واحد هو (اصبري.. وتحملي..).. من أم بسيطة.. تحملها مشاعر الأمومة على المحاولة في إمداد ابنتها بالمزيد من شعارات الصبر والتروي في اتخاذ القرارات الخطيرة في الحياة.. لكن أن يكون ذلك من شيخ في محكمة جاءته المرأة تطلب حقها الشرعي في الخلع من زوجها..
تماماً مثلما جاءت امرأة من قبلها إلى رسول الخلق صلى الله عليه وسلم واستجاب لها وقد سألها: هل من سبب؟ فكان السبب نفسياً بحتاً هو عدم قبولها له.. فأمرها بأن ترد عليه مهره ولها أن يطلقها..
** لم يسن الإسلام الطلاق كمخرج لأزمة الرجل فقط.. لأن التشريع لم يعتنِ بالرجل ويغفل المرأة.. بل إن حدود الله وأوامره ونواهيه شاملة الثقلين من جن وإنس.. من ذكر ومن أنثى..
** ولو انتشرت التربية الدينية في منازلنا وفق هذا المفهوم لما ظهرت بعض أوجه تجبر الرجال على النساء.. ولم تظهر أوجه الشعور بالقهر والظلم عند بعض النساء.. فقد طلب الرسول عليه الصلاة والسلام من الرجل الذي كان يحدثه.. أن يتم ما بدأه..
وكان ذلك الرجل قد قبّل ابنه ولم يقبّل ابنته.. فطلب الرجل من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكمل حديثه فقال عليه الصلاة والسلام فيما معناه: لن أتم حتى تتم عدلك بين أبنائك؛ فمثلما قبلت هذا قبل هذه..
** لم يخلق الله سبحانه وتعالى المرأة من طين أدنى من الطين الذي خلق منه الرجل.. ولم يخلق له جنة منفردة.. وللمرأة أدنى منها..
ولم يضع لها عبادات وله عبادات.. ولم يبح للرجل المعاصي ويحرمها على المرأة.. وحين يعي الآباء هذه المفاهيم فسينشأ أبناؤهم ذكوراً وإناثاً في بيئة صحية.. وستسعد الأسرة حتماً بالصحة النفسية التي يتمتع بها الفرد حين يعي قيمته ودوره في الحياة..
** كانت لنا قريبة حين تزورنا في بيتنا تربك سلمنا القيمي الذي اعتدناه ونشأنا عليه.. كانت تعلي الذكور إعلاءً غريباً.. وكنا نسمع لأول مرة عبارة مثل (قومي هاتي لأخيك ماء).. فقد اعتدنا أن يخدم كل شخص نفسه طالما إنه ليس مريضا أو عاجزا.. ذكرا كان أو أنثى.. ومن يقدم خدمة للآخر؛ فهذا نابع من إرادته هو.. وقد كنا نرى والدنا وهو يأتي بما يريد هو بنفسه دون أن يطرح أوامره على الوالدة أو علينا نحن البنات.. وحين نستغرب كان يذكرنا بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وضرورة الاقتداء به..
شعور الفرد بأنه خلق من أجل الآخرين وخدمتهم شعور يقلل من قيمة الاعتزاز بالذات، ومن ثم يقتل روح العطاء والإبداع لديه ذكراً كان أو أنثى.. وهو شعور لم يسع الإسلام إلى تنميته عند النساء..
** المرأة.. حين تطلب الطلاق دون سبب بيّن أو عيب شرعي فهي تطلب حقاً أيضاً.. هي تريد أن تعيش حياة تختارها.. فمن حقها أن تنال طلاقها مقابل ردها المهر.. الذي تسلمته.. ويجب أن تهتم المحاكم وتأخذ موضوع صحة المرأة النفسية بعين الاعتبار؛ فمهمة المحاكم إحقاق الحق والتيسير على الناس، ومنحهم الإضاءة لكي يعيشوا حياتهم بأمان وبلا ضيم ولا قهر.. ومهمتها إبراز تكامل الإسلام كمنهج وتطبيق.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved