Saturday 21st February,200411468العددالسبت 1 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
متى يكون الاستبشار؟
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

استبشار المؤمن بما هو عليه من الخير لا ينقطع، لأنه قائمٌ على أمله في الله وثقته في رحمته سبحانه وتعالى، ولأنه يطير بجناحي الخوف من الله والرجاء فيه، لا يُغْفِلُه عن ربه رجاؤه في رحمته وعفوه، ولا يُصيبه باليأس خوفه منه وخشيته، لأن الرجاء في الله يشرق في قلب المؤمن الخائف من الله.
إنَّ الله وحده هو الذي إذا خاف الإنسان منه فرَّ إليه، وتعلَّق به رجاؤه، واتَّصلتْ به أسبابه - سبحانه وتعالى ، ولهذا نقول في تمجيدنا لخالقنا عز وجل: (لا ملجأ لنا منك إلاَّ إليك).
استبشار المؤمن لا ينقطع لأنه أصلٌ من أصول خلافته في الأرض، وبنائه لها، وعمارته لهذا الكون، لأن اليائس البائس لا يمكن أن يكون ذا عطاء نافع، ولا صاحب عملٍ مفيد.
استبشار المؤمن لا ينقطع، فهو متصل بدنياه وآخرته، ويستبشر في الدنيا بإيمانه، وصلاته، ودعائه، وذكره، وقرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبإتقانه لعمله الدنيوي والأخروي، ويستبشر عند الموت بما يكشف له من فضل ربه عليه، ومغفرته له، ومظاهر النعيم التي تنتظره، ويستبشر في الآخرة بما يمنحه الله من الثواب العظيم، والمغفرة والرحمة, والنعيم المقيم.
يقول تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ، الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
حياة موصولة بالاستبشار الذي لا ينقطع مهما كانت المصائب والأحداث، ومهما كان التعبير عن الألم والحزن والإحساس بالقرح - وهو الجرح -.
ومهما تجمَّعت ضدَّ المؤمن فرق الضلال، وتكالب عليه أعداء الحق والخير.
الاستبشار موجود برغم ذلك كله، بل إنه يكون حاضراً حضوراً قوياً في قلب المؤمن وحسِّه حينما تشتد عليه الأحداث.
فالله سبحانه وتعالى امتدح في الآيات السابقات أولئك المؤمنين الذين أصابهم القرح وقال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، قد جمعوا لكم العدد الكثير، والعتاد القويّ، والمكائد، والمؤامرات، وضجيج الدعايات، ووسائل الحرب النفسية المتعدّدة عبر وسائل الإعلام المتاحة، فماذا قالوا؟.
كلُّ هذه المظاهر العدائية المخيفة لم تستطع أن تجتثَّ شجرة اليقين والاستبشار بنصر الله وتأييده {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} ولأن إيمانهم زاد ونما وصار قوياً فقد قالوا باطمئنان ويقين: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
متى يكون الاستبشار؟
يكون عند المؤمن في كل وقت، وفي كل مكانٍ، وعند أي حدثٍ شديدٍ من أحداث الدنيا.
إشارة:
وجهٌ مستدير


أقول لمن زلَّ الطريق بخطوة
ومَنْ عزمه عند الخطوب يُذاب
سيمنحنا وجهُ الهلال استدارةً
ويفتح باباً في الظلام شهابُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved