Saturday 21st February,200411468العددالسبت 1 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
الإحياء النبيل!!
رقية الهويريني

بلغ عدد المرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء في مستشفيات المملكة ومراكز غسيل الكلى حوالي (7391) مريضاً في عام 2002م ويضاف مريض جديد يومياً إلى مرضى الفشل الكلوي الذين يتلقون علاجهم في (140) مركزاً تضم قرابة الألفي جهاز، بينما تبلغ النسبة المئوية لمتوسط الزيادة السنوية 9.3% وهذه الإحصائية المخيفة تجعل من المحتم علينا عدم الاكتفاء بقراءة هذه الإحصائيات، ومن ثم نسفها من الذاكرة، بل لابد من السعي لإيجاء الحلول العاجلة والمتزامنة مع طرق الوقاية، والحد من انتشار هذا المرض.
ولعل المناداة بالتبرع بالأعضاء وتشجيع المبادرين إليها، ومكافأتهم يعد من وسائل العلاج الآني {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} وإن كانت الحياة بيد الله عزَّ وجل ولكنه في هذه الآية ذكر أن الإحياء بيد المرء تجاوزاً وتعظيماً لمن يقوم بهذا العمل النبيل! فهو إن تبرع فإنه قد شارك ربَّ الأسرةِ المسؤولية، وشارك أولاده فرحةَ تواجده بينهم صحيحاً معافى بدلاً من أبٍ مريضٍ أو متوفى يعاني أبناؤه من حرقة اليتم! وقد تقدمت الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية التي تضم كبار أساتذة الطب بملف ضخم لمجلس الشورى مطالبين بإلغاء فكرة القانون الجديد القاضي بتحريم نقل الأعضاء حيث استند مفتي مصر على أن الإنسان لايملك جسده وإنما الأعضاء كلها ملك لله، ولايجوز التصرف فيها أو نقلها سواء في حالة النقل من حي إلى حي أو من ميت إلى حي انطلاقاً من حديث (كسر عظم الميت ككسر عظم الحي)! واحتج الأطباء بأن هذا القانون سيفتح باباً أمام تجارة نقل الأعضاء غير المشروعة مؤكدين أن 98% من نقل الكلى في مصر تجارة وأن 2% فقط تتم على سبيل التبرع!!
وفي بلادنا تقوم وزارتا الداخلية والصحة بإعداد تقرير مفصل لمجلس الوزراء يتضمن طلب الموافقة على وضع إشارة على بطاقات الأحوال ورخص السير للمواطنين تفيد الموافقة بالتبرع بالأعضاء من حامليها عند وفاتهم. ويأتي هذا الإجراء مساندة من الوزارتين لهذا العمل الإنساني النبيل تسهيلاً للإجراءات، وتيسيراً على المستشفيات الحكومية والخاصة التي تستقبل الحالات المرضية (المتوفية دماغياً أو فارقت الحياة) حيث ستتم إضافة هذه (الإشارة) في مكان بارز على بطاقات الأحوال المدنية التي يحملونها أو عبر رخص السير للسائقين. وتسعى وزارة الصحة للحصول على موافقة المتبرعين ومن ثم فحصهم والتأكد من سلامتهم وأن موافقتهم تتم دون أي ضغوط وأن يكون المتبرع لحظة تسجيل موافقته في كامل قواه العقلية ويريد بها الاحتساب لوجه الله لإنقاذ إخوانه المرضى والرفع بموافقته لوزارة الداخلية وستتولى التنسيق مع الجهات التابعة لها لإضافة الإشارة عبر الإثبات.
يأتي ذلك بعد أن أقر مجلس الوزراء رفع المكافأة لذوي المتوفى المتبرع بأعضائه من ثلاثين ألفاً إلى خمسين ألف ريال مساهمة في المجلس للموقف الإنساني النبيل من المواطنين الذين يتبرعون بأعضائهم لإخوانهم المرضى المحتاجين لها.
إن التبرع بالأعضاء خطوة إنسانية جميلةٌ، لابد أن ندعو لها إعلامياً ونخصص لها يوماً أو أسبوعاً أو شهراً توعوياً في العام أسوة بالأيام أو الأسابيع الأخرى، مع الاستمرار بتذكير الناس بأهميتها، سيما أنها ظاهرةٌ جديدة على مجتمعنا ومرتبطة بأفكار وأيديولوجيات اجتماعية يعزوها البعض لأمور شرعية، إذ كيف يحاسب المرء يوم القيامة وبعض أعضائه لدى شخص آخر؟!!
ولابد من تكاتف الجهود إزاء هذا الأمر، فالمعلم في مدرسته، والطبيب في عيادته، والصحفي والكاتب في صحيفته، والوالدان في منزلهما، لهؤلاء جميعاً دورٌ توعوي في هذا المجال، كما يحسن استثمار بعض المنتجات الاستهلاكية بطباعة ملصقاتٍ تدعو للتبرع بالأعضاء (الكلى والكبد والقرنية والقلب) وباقي الأعضاء الأخرى وليستشعر الشخص المتبرع بأعضائه قبل وفاته، واسرته بعد الوفاة أن هذا الأمر يعد من باب الصدقة الجارية، فالقرنية السليمة حين تُنقل من شخصٍ متوفى إلى شخصٍ كفيف فيبصر ويرى النور ويستطيع تلقي العلم وأداء أعماله يكون الأجر (إن شاء الله) لصحابها متصلاً بعد وفاته! والأمر يسري على بقية الأعضاء حين يستفيد منها إنسانٌ مريضٌ ويشفى.
وبذلك نضمن مجتمعاً متكاتفاً من المجتمعات التي أصبح الفرد يبيع أعضاءه وهو حيٌ ليستطيع إعالة أسرته حتى أضحت تجارة الأعضاء منتنة الرائحة عندما تحولت إلى بضاعة رائجة!!
أفلا نوقفها ونتعاون على وسائل الإحياء المشروعة والنبيلة؟

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved