لماذا يستحيل التعليق الرياضي على المباريات الكروية في إعلامنا المحلي إلى حشو من الصراخ والغمز واللمز لكل من هب ودب، ولماذا تتجاهل تلك الحناجر الملتهبة أحقية الجميع في المنافسة مادامت شريفة؟! وتتناسى مهمتها الرئيسة في الوصف وتجميع شوارد المشهد الكروي حين تعجز العدسة الثلاثية عن تقديمها. التعليق لدينا لم يعد نشازاً فحسب، ولا تغريداً خارج سرب الروح الرياضية، التي نغرسها لدى أبنائنا في بواكير اتصالهم بالمضمار الرياضي أياً كانت اللعبة.. أصبح ركضاً أثيرياً لتحقيق وهم الانتصار ب(الزعيق).. طاحونة هوائية فارغة إلا من التحطيم وانتقاص المنافسين، الذين لم نكن لنجتمع بهم لولا الرغبة في المنافسة الشريفة، والعمل على إذكاء روح الجماعة والفريق الواحد بين شبابنا ولو افترقت أهواؤنا وتباينت ميولنا.. تعليق محمد البكر الأخير على مباريات منتخبنا الوطني في الدورة الخليجية السادسة عشرة كان بابا جامعاً غير مانع لفنون ما خرج عن العرف وخالف كل إلف، نحمد له أنه استطاع أن يجعلنا نستلقي على ظهورنا ضاحكين، (يلتٌّ) شعراً، و(يعجن) نظماً ليته استطاع قراءته دون تكسير!! فمتى يعرف المعلقون (الأثيريون) طبيعة عملهم وأهدافه؟! ومتى يقدرون أن الشاشة للملايين؟! وأن البون شاسع بين: منافسات كرة القدم وبين برامج مضارب البادية، ومحافل الرد، ومسابقات الهجن، التي نحترمها لكننا لسنا من جمهورها في هذه الدقائق التسعين.؟
دعوة خاصة للرئاسة العامة لرعاية الشباب لتبدأ دروسها في محو أمية المعلقين؟! ودعوة أخرى لتلفزيوننا الحبيب كي يريح خزانته من دفع فاتورة هذا الإزعاج الموسمي، وليثق الجميع وأولهم المعلقون الأفاضل أن الجمهور بات ينهب الفضاء عند كل مقابلة رياضية، يبحث عن حناجر تجير اللعب على الكرة داخل الملعب، فإن لم يجدوا ضالتهم عادوا إلى شاشاتهم العتيقة يخفضون الصوت!! ويكتفون بمشاهدة المباريات (هكذا سادة) بدون أملاح ترفع الضغط!!
أحمد علي آل مريع
كاتب وأكاديمي سعودي |