قرأت مقال محمد بن عبداللطيف ال الشيخ في الجزيرة ص15 يوم الأحد 3 ذي الحجة 1424هـ وهو بعنوان (لاتك كالعنز تبحث عن المدية) وعجبت لما فيه فقد حوى اخطاء كثيرة، والكاتب هدانا الله وإياه كان عنيفا في طرحه عنفا أوقعه في أخطاء لغوية علاوة على الأخطاء في الافكار والمعاني:
فأولاً: ليس في أمثال العرب الفصيحة أو العامية مثل تلك الصياغة أو المعهود أن كل مخلوق يهرب من الموت ومن وسائله.. وهذا ما ينطق به آخر المقال وما تقوم عليه فكرته!!
ثانياً: هل بلغ الهوان بنا ان يُستخفَّ بعلماء الشريعة وفتاواهم ويكونوا مجال السخرية، وموضع التندُّر، وان يوصفوا بانهم مشغولون في قضايا فرعية او مسائل هامشية، وانهم بعيدون عن فهم الواقع، وتبعا لذلك لا ينظرون للمستقبل ولا يستعدون له ويرمون من يتحدث عن المستقبل بأنه أحمق وأنا هنا أسأل الأخ محمد.. من أين استنتج هذه الحقائق المذهلة واكتشف هذه القواعد الخطيرة؟!.
لقد جاءت الشريعة الاسلامية بما يصلح الحاضر والمستقبل، ووضع الفقهاء في القديم والحديث الحلول والعلاج والتوجيه لكل ماتمر به الامة او يمكن ان تمر به في المستقبل، حتى ان بعض السابقين كانوا يجادلون الفقهاء في وضع الاحتمالات في القضايا الفقهية وان ذلك بعيد الحصول او ربما مستحيل الوقوع وكان رد علمائنا ان الشريعة جاءت لإصلاح حال المسلمين في كل زمان ومكان.. ثم ان المقياس لاعتبار القضايا والمسائل فرعية وهامشية او عكس ذلك، ليس متروكا لكل كاتب او مفكر.. ودليل ذلك ان ماتعده فرعيا قد اعده انا رئيسا وما يراه فلان هامشيا يراه غيره أساسيا ومهما.
ولذلك هذه دعوة لكل كاتب ان يقرأ في كتب الفقه وينظر بعمق الى فتاوى العلماء في القديم والحديث ولا ينساق وراء عاطفته وهواه، ومن الجدير ذكره ان من جوانب الفقه مايسميه علماؤنا فقه النوازل، ومن القواعد الفقهية، درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وماحرم الله ورسوله لايمكن ان يكون حلالا في يوم من الايام وغيرها كثير فهل يعي ذلك من يمسكون بالقلم ليرسموا للأمة طريق فلاحها؟
ثالثاً: أمر غريب وعجيب وتخيير بين امرين لا ثالث لهما، وذلك حينما يقول الكاتب: (ان نقبل بها) ويقصد العولمة الاقتصادية واتفاقياتها والرضوخ لشروطها الاذعانية
ذلك الكاتب الكريم، وهل أصبحنا من الضعف والهزيمة بحيث نرى ان الطريق الوحيد الذي يجب ان نسلكه لكي نبقى هو التقليد الأعمى والانسياق وراء غيرنا في كل شيء، واخذ ما عندهم بغثه وسمينه فنكون كالدمية في يد الطفل، وكالدابة امام الراعي.. وقد حدد الكاتب نوع الدابة ب(العنز)!! وهي مثال للضعف والانقياد.
رابعاً: ومن يدعو الى حسن التعامل مع مايطرح من افكار وقضايا ومقابلتها بالحزم واليقظة والنظرة العميقة اليها.. وتبعاً لذلك رفض ما لا يصلح وما يخالف الشرع والمبادئ هل هو كالعنز تبحث عن المديه على حد تعبير الكاتب!! خامساً: والكاتب صاحب عمود صحفي ثابت آمل أن يتنبه إلى الأخطاء اللغوية التالية:
أ- التعميم في اللفظ يشمل جميع افراده.. فهل هذا هو المقصود بقول الكاتب (أننا نحن العرب نعيش في عالم والناس الاخرون يعيشون في عالم آخر بمعنى اننا - للاسف - في عزلة تامة عن حقائق العصر الذي نعايشه) هل هذا الحكم ينطبق على العرب جميعهم شعوبا وافرادا؟!
ب- الكاف معناها التشبيه ففي قوله (أننا كعرب ومسلمين مضطرون) يعني نشبه العرب والمسلمين وعلماء اللغة يعدون ذلك خطأ والصحيح: اننا العرب والمسلمين بدون الكاف، كما او يقول: اننا باعتبارنا عربا، او اننا نحن العرب.
ج- يقول الكاتب (والرضوخ لشروط اذعانية) واستعمل الرضوخ بمعنى الانقياد والقبول وليست هذه الكلمة في المعاجم اللغوية بهذا المعنى وانما معناها: رضح له بمعنى :أعطاه قليلا.. انظر المعجم الوسيط ج1ص 350 ومختار الصحاح ص103
د- أهمل الهمزة في كلمات همزاتها همزات قطع يجب ان تكتب ومنها: الايام، الينا، اساليبنا، اسوارنا، الارض، اقدامنا، او، الاحوال، أكثر، الأمر، اقوات، أما، أو، الأرض، أو، أن، أنهم، أو، ايضا، انهم، اما، الاحمق، ان، الا، او، او، اذعانية، ان، اول، اي، ان، الا، احيانا، ان، اطلاقا، ان، او، ان، انا، ان، ان، اطلاقا، أن، أن، انني، ان، أن، أن، أن، اصرارنا، الاولى، الى، امثالهم.
هـ- ولعل عجلة الكاتب الكريم الجأته الى قرع (الناقوس) والناقوس ليس لنا نحن المسلمين، وليته قال: أنبه، او قال، احذر، أو أشير، او اضيء مصباح الخطر.
اتمنى لي وللكاتب كل هداية وتوفيق، وان ينفع الله بما نقول ونكتب ، وأسأله تعالى ان ينير بصائرنا لما فيه الخير ولجريدة (الجزيرة) كل الحب والتقدير.
عبدالعزيز بن صالح العسكر
ص ب 190 الدلم11992 |