عَادَ الرَّبِيعُ وَنَوَّرَ الْعُشْبُ النَّضِيرْ
وَشَدَا الْهِزَارُ مَعَ الطُّيُورِ عَلَى الْغَدِيرْ
وَبَدَتْ طُيُورُ الْفَصْلِ تَسْبَحُ فِي الْفَضَا
مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بَاكِرَاتٍ وَفِي الْهَجِيرْ
وَاخْضَرَّتِ الأَشْجَارُ بَعْدَ جَفَافِهَا
وَالأَرْضُ صَارَتْ سُنْدُساً صُنْعَ الْقَدِيرْ
وَتَجَمَّلَتْ كُلُّ الْجِبَالِ بِنَبْتِهَا
وَالسَّيْلُ أَنْهَرَ بَعْدَ إِجْدَابٍ خَطِيرْ
ضَحِكَ الْعَرَارُ مَعَ الْبَنَفْسِجِ وَالْحَبَا
وَانْدَاحَ عِطْرٌ فِي الرِّيَاضِ مِنَ الْعَبِيرْ
وَبَدَا حِدَاءُ الْعِيسِ يُنْشَدُ رَائِعاً
بَيْنَ الرُّعَاةِ مُمَازِجاً صَوْتَ الْهَدِيرْ
وَثُغَاءُ قِطْعَانِ الْمَوَاشِيَ طَافِحٌ
وَصَدَاهُ يُسْعِدُ لِلْكَبِيرِ وَلِلصَّغِيرْ
زَالَ الصَّقِيعُ وَهَفَا إِلَى الْبَرِّ الْكَثِيرْ
يَدْعُوهُمُوا طِيبُ الرِّيَاضِ إِلَى النَّقِيرْ
وَتَسَابَقَ الشُّعَرَاءُ فِي وَصْفِ الرُّبَا
فَالنَّبْتُ أَخْضَرُ مِثْلُ لَوْنٍ لِلْحَرِيرْ
جَاءَ الرَّبِيعُ وَفَتَّقَ الْكَمْءَ الْكَبِيرْ
وَالْوَرْدُ فَتَّحَ قَانِياً غَضًّا نَضِيرْ
وَالنَّاسُ فِي شَوْقٍ إِلَى نِعَمٍ بَدَتْ
سَارُوا وَجَدُّوا سَيْرَهُمْ نَحْوَ الْغَدِيرْ
وَرِكَابُهُمْ تَطْوِي الْفَيَافِيَ وَالرُّبَا
وَعُيُونُهُمْ تَرْنُو إِلَى فَيْضٍ وَفِيرْ
وَصُدُورُهُمْ بِالنَّفْحِ طَابَتْ أُدْهِقَتْ
أَرَجَ الرَّبِيعِ مَعَ الْمُبَرِّحِ وَالْقَرِيرْ
سُحُبُ الشِّتَاءِ سَقَتْنَ مِنْ خَيْرَاتِهَا
مِنْ خَالِقٍ يُهْدِي الْجَزِيلَ إِلَى الْفَقِيرْ
حَمْداً لَكَ اللَّهُمَّ قَدْ أَجْزَيْتَنَا
خَيْرًا عَمِيمًا لِلشُّوَيْهَةِ وَالْبَعِيرْ
بِتْنَا نُغَذِّي إِبْلَنَا وَنِعَاجَنَا
كَلأَ الرَّبِيعِ زَرَعْنَ أَكْيَاسَ الشَّعِيرْ
فَأَدِمْ إِلاهِي الْعِزَّ فِي أَوْطَانِنَا
وَاكْلأْنَا يَا رَبِّي عَنِ الشَّرِّ الْخَطِيرْ