* الرياض - محمد ناصر المناع:
أكد الدكتور نبيل حافظ أخصائي ورئيس القسم النفسي بجامعة الإمام أن أهم التأثيرات النفسية التي تحدث للناس عامة من الحوادث الإرهابية هي نوبات الهلع أو نوبات الفزع والخوف، وهي عبارة عن نوبات تتميز بالخوف والرعب من شيء غير محدد ويصاحبها سرعة في ضربات القلب وسرعة التنفس وتعرق شديد وتصلب بالعضلات، مع إحساس بضيق صدر وقلق وعدم تركيز وتشتت بالذهن.
وقال إن هذه الحالة قد تستمر لدقائق أو ساعات، ومن المحتمل أن تختلط في تشخيصها مع بعض أمراض القلب أو الرئتين، وأضاف من المعروف أن نوبات الهلع والخوف (Panic attack) كانت من أكثر الأمراض النفسية حدوثا في أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. وطبيعي أن المواطن في أي بلد يشعر بالتوتر والقلق وأحيانا الاكتئاب إذا حدثت أي حوادث إرهابية، وخاصة في بلد مثل المملكة التي يعرف عنها تمتعها بالأمن والأمان وعدم وجود أي حوادث إرهابية على الإطلاق منذ عشرات السنين أي منذ أنشأها المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز، فقد تميزت ركائز المملكة بوجود حكومة وأمن قوي يجعل المواطن يشعر دائما أنه في أمن على نفسه وأسرته وماله، ولذلك عندما وقعت بعض الحوادث الإرهابية زادت نسبة التوتر والقلق وبعض حالات الخوف والاكتئاب، وخاصة بين المواطنين الذين يعملون ويعيشون مع الأجانب أو بالقرب منهم، وشعروا بالضيق والإحباط وأحيانا بالاكتئاب لأنهم لم يتخيلوا أبدا أن مثل هذه الحوادث من الممكن أن تحدث في بلد آمن مثل المملكة، على الرغم أن الحوادث التي حدثت في السعودية أقل بكثير من الحوادث التي حدثت وتحدث ف يجميع بلدان الدنيا بما فيها الدول الأجنبية والعربية، ولكن فرق إحساس المواطن الذي ظل طوال عمره يعيش في أمن تام ولا تتخيل مجرد وجود إرهابي جعل المواطن يشعر بضيق وقلق وتوتر.
ولكن الحمد لله أن نجاح الحكومة في السيطرة وتعقب مرتكبي مثل هذه الحوادث جعل المواطنين والمقيمين يعيشون حياتهم بطريقة عادية وطبيعية وكانت التأثيرات النفسية عليهم مؤقتة ووقتية وخاصة مع الدور الكبير الذي بذلته الدولة في تكثيف الأمن والحماية.. ولعل أبرز دليل على ذلك هو وجود المقيمين والأجانب بطريقة طبيعية في أعمالهم ومنازلهم، وهم مطمئنون على سلامتهم وأمنهم، ولم نشاهد حالات هلع وخوف كثيرة أو حالات هروب للأجانب والمقيمين من المملكة وذلك دليل على اطمئنانهم على أنفسهم وأسرهم.
ويضيف د. حافظ لعل من التأثيرات النفسية التي رأيناها على ذوي الإرهابيين أو عائلاتهم هو شعورهم بالضيق من أولادهم الذين قاموا بهذه الأعمال الإرهابية، حتى أن بعض العائلات والقبائل قامت بالإرشاد عن أبنائها الذين قاموا بالأعمال الإرهابية لإقناعهم بخطأهم وعدم سلامة أفكارهم بالرغم مما نعرفه عن العادات العربية القبلية التي تجعل القبيلة تحمي أبناءها، ولكن في حالتنا هذه رأينا مدى التأثير النفسي السيئ والشعور بالضيق وعدم التعاطف مما فعله الأبناء الإرهابيون مما جعل أهلم يتبرأون منهم ويعلنون موقفهم صراحة من أبنائهم المخطئين.
أما عن المقيمين عموما فلم تكن للحوادث الإرهابية تأثير كبير عليهم وحدثت بعض حالات التوتر والقلق وقليل من نوبات الخوف والهلع، ولكن هذه التأثيرات النفسية كانت قصيرة المدى وانتهت في فترة وجيزة وخاصة مع انتهاء هذه الأعمال الإرهابية.
ومن جهته عرَّف الدكتور محمد خلدون مروة استشاري الأمراض النفسية بمستشفى دلة الإرهاب بأنه إحداث الخوف داخل النفس البشرية وافتقاد الأمان. وقسم د. مروة في تصريح ل(الجزيرة) مظاهر الإرهاب إلى اثنين، الحسية كالشعور بالقلق وعدم الاستقرار، العضوية كخفقان القلب وزيادة في التنفس وحالة من الترقب الدائم والخوف المستمر.
وقال إن الكثير من الحالات التي زارته كانت تعاني من القلق والاكتئاب والإحباط بما يحدث في فلسطين والعراق وما حدث من التفجيرات الآثمة في بلاد الحرمين الشريفين.
وأضاف د. مروة جميعنا نعلم أن حفظ السلام والدماء من القضايا الأساسية في الإسلام ومن ينقض هذين الجوهرين ينتقض الإسلام.
وللإرهاب آثاره النفسية المباشرة مثل لقاء الصورة البشعة المرعبة لمن شاهد وعاصر هذا العمل الشنيع في أعماقه، ويصاب بقلق مستمر وذاكرة سيئة كدر صفوها الإرهاب، رؤية الكوابيس في الأحلام ومرور الخواطر المزعجة في سكنات الشخص وتدمير كل ما هو جميل في حياته.
وقد تتحول هذه الأمراض والرؤى المرعبة إلى مرض وراثي تتناقله الأجيال.
والإرهاب يولد بداخل النفس شعوراً بالظلم أن يقتل بدون سبب وهذا أكبر اثر سيئ للإرهاب.
وقال: يواجه المواطن أو المقيم في هذا البلد ممن تعرض لهذا الموقف آثاراً آنية واضطرابات لا يستطيع بسببها النوم، والإصابة بنوبات بكاء حادة وتعرق وعدم تركيز والخوف من التعرض لموقف آخر، الصراع النفسي الذي يعيشه المريض من جراء الإرهاب هو شعور البريء الذي في أي لحظة ممكن أن يقتل بدون ذنب أو سبب، ولذلك يكون تحت ضغط شديد وليس له علاقة في أي ذنب أو صراع.
|