البطالة مشكلة عالمية لا تخلو دولة من دول العالم من الوقوع في شراكها، إنما نسبتها تزيد في بعض الدول وتقل في دول أخرى وليس عيباً وجود هذه المشكلة، إنما العيب في كونها ظاهرة متفشية والعيب الأكبر أن يجلس الشباب متواكلين لا يفعلون شيئا ،وهذا من أكبر أسباب البطالة التي سببها العجز والكسل.
إن من دعائم صلاح المجتمع أن يكون أفراده ايجابيين وعمليين لا يركنون الى الراحة والكسل واللهو واللعب على حساب العمل الجاد الذي يجلب الكسب الحلال، ويحفظ صاحبه من مذلة مسألة الناس ويحفظ أهله وعياله من التشرد والضياع، ولذلك جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة داعية الى السعي والانتشار في الأرض طلباً للعمل وكسب الرزق الحلال بلا كلل ولا ملل، ولا عجز ولا كسل يقول جل وعلا {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}.
كما استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل وأمر بتعلم المهن والحرف فقال مرغباً في ذلك: (إن الله يحب المؤمن المحترف) وأثنى على اليد التي خشنت من كثرة العمل قائلاً: (هذه يد يحبها الله ورسوله).
ولا ينبغي بحال ترك العمل أو التشجيع على البطالة ولو كان ذلك لأسباب محمودة في الجملة كالانقطاع للعبادة ونحو ذلك لأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً متفرغاً في المسجد للصلاة ومنقطعاً عن العمل فضربه بالدرة وأمره بالخروج والكسب والعمل وقال له: (أما علمت أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة؟ ).
ومع ذلك فإن مسؤولية الدولة تبقى أساسية في تهيئة فرص العمل الكافية وتوجيه الناس للأعمال التي تناسب استعدادهم وقدراتهم ومواهبهم، لكن بقدر امكانات الدولة.
ومهما يكن على الدولة من التزام بتوفير العمل لمواطنيها إلا أن الاسلام يكره التواكل والعجز وإلقاء اللوم على الغير والتذرع بعدم وجود عمل. والإسلام يشجع على اتخاذ الأسباب والمبادرة الى الممكن من الأعمال (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه).
( * ) عضو الدعوة والإرشاد بالرياض |