تراودني رغبة شديدة في استكناه حقيقة أنَّ لا شيء جديداً على وجه الأرض، وبما في ذلك الأفكار.. وتزداد رغبتي هذه كلَّما تذكرت قول العربي القديم: (يقع الخاطر على الخاطر، كما يقع الحافر على الحافر) عندما كانت الدَّابة التي يستخدمها العربي في تنقُّله لها رمز فخر، وتقترن ببطولاته وكان لحافرها شأنٌ، كلّما عدت فاستعدتّ القول بأنّ المعاني مطروحة على الطريق، وما على المفكر الكاتب سوى التقاطها، ومن ثمَّ صياغتها، غير أنَّني أعود فأستعرض قدرة الله تعالى في الإنسان، هذه القدرة التي منحته الجديد، ومكَّنته من التَّجديد، ولذلك نسمع في كلّ يوم تُشرق فيه الشمس على الإنسان بعطاءٍ منَجزٍ من قبل الإنسان!!
وأعود لثقتي في أنَّ هناك جديداً...، وبأنَّ الإنسان لا تزال متاحة له فرص الإنجاز، والإبداع، والتّحديث، والتَّطوير...فيما لا يؤكدها الظاهر من المُتاح .!!
وعلى الرغم من أنَّ (الوَلاَّدة) لا تزالُ تُباهي الأرضَ بما تلدُ فإنَّ الطبيعة الكونية تُتيح لكلِّ مَنْ وما يُلَد فرصَ المرور بالتجارب ذاتها التي يمرُّ بها غيره ممَّن سبقه لرؤية الشمس، أو التَّعايش مع الظلام!...
ولأنَّ نتيجة الجواب لرغبةِ معرفةِ ما إذا كانت الحقيقة هي أنَّ لا شيءَ جديداً هي مضادَّةٌ لهذه الحقيقة لأنَّ هناك جديداً...
فإنِّني سأبدأ مَهَمَّة أخرى تخصُّ ما يطرأ على (الطَّرح) اليومي من الكلام المكتوب، الذي هو وعاءٌ للكلام المفكَرّ فيه، داخل عقل الإنسان، قبل أن يُخرجه حروفاً، مسوَّدة على الورق...، وسوف أحصر اهتمامي جداً بمفارقة الجديد والمكرَّر فيما تقدِّمه الصُّحف من أفكارعلى الأقل لمدَّة محدَّدة وآمل ألاَّ أُقَدِّمُ جميعَ تنازلاتي للآخر كما فعل (منصور عثمان) رشيق العبارة، بعيد الصورة، عميق الحس، فقط ليجد منصوراً،
ولعلَّني لا اضَّطر لأن أكرر ما قال، فلا آتي من حصاد المفارقة بجديد فأتقدم بتنازلاتي جميعها فقط لأحتفظ بشيء مني...!!.
|