غَازي القُصَيبي لَكُم في الفكرِ أفكَارُ
وَفي العُلومِ لَكُم مَجْدٌ وَأَثمَارُ
وفي المَكَارمِ سَاحَاتٌ وَأعْمدةٌ
وَفي البَلاغَةِ أَبحَاثٌ وَأَشعَارُ
يَامَنْ بِعَقلِكَ يَسمُو العلمُ مُؤتَلِقَاً
ََشَعَّتْ بِفِكرِكَ أفلاكٌ وَأَنْوَارُ
وَالطَّيرُ يَنَهلُ مِنْ أَلحَانِكُمْ نَغَمَاً
وَالعُودُ أنَّتْ على جَفْنيهِ أوْتَارُ
وَالرَّوْضُ فَتَّقَ أكْمَامَ الشَّذَا طَرَباً
حَتَّى تَلَوتْ عَلى الألحَانِ أَزْهَارُ
وَالشَمسُ غَنَّتْ أَهَازِيجَاً بِدَوْحَتِكُمْ
تَتْلُو قَصَائِدَكُمْ شَمْسٌ وَأقْمَارُ
لِلَّه دَرُّكَ يَا غَازي فَكَمْ نَسَجَتْ
يُمْنَاكَ شِعْرَاً لَهُ في القَلْبِ آثَارُ
وَكَمْ إِلَيْكَ القَوافي أَقبَلَتْ زُمَرَاً
مَنظومةَ اللَّحنِ يَعْلُو تَاجَهَا الغَارُ
أبَا سُهَيْلٍ قَوافِيكُمْ كَأَوْسِمَةٍ
نَسْمُو وَتَسْمُو بَها لِلشِّعرِ أَخْبَارُ
يَعزُّ كُلُّ قَصِيدٍ أَنْتَ قَائِلُهُ
كَمَا تُعِزّ بِطَبْعِ العُرْبِ أَذمَارُ
لَكُمْ جِيادُ القوافي أُسْرِجَتْ فَخراً
كَمَا يشدُّ جَنَاحَ الرِّيحِ إِعصَارُ
فَيَا مَنَاَرَاً مِنَ الإِبدَاعِ مُزْدَهِراً
في العِلمِ يَسْمُو لَكُم كف وَتذكَارُ
أَنْتَ الرَّبيعُ رَبيعُ الشِعِر كَمْ فَخرتْ
بِكَ البَوادي وَكَمْ غَنَّتكَ أَمصَارُ
تُفْنى الليالي وَيَبقى شِعْرَكُمْ شُهُبَاً
يَرْتَادُ نَبْعكَ أَعْلاَمٌ وَزُوَّارُ
عَلَّمْتَنَا كَيْفَ يَسْمُو الشِّعْرُ مُبْتَسِمَاً
وَكَيْفَ يَزْهُو بِنَفْحِ الشِّعْرِ سُمَّارُ
يَامَنْ تشع القَوَافي في مَرَابِعِهِ
وَمَنْ تَفَتَّحَ في كَفَّيْهِ نوَّارُ
سَقَى القَوَافي رَحِيقاً مِنْ أصَالَتِهِ
كَما تُغَذِّي جُذورَ الزَّرْعِ أمْطَارُ
كَالفَجْرِ كالنورِ مَازَالتْ قَصَائِدُهُ
يَسْتَافها المجدُ وَالأَوطَانُ وَالغَارُ
بَنى القَوَافي رَقيقاتِ الشذَّاَ قِمَمَاً
مِنْ أَعْذَبِ الشِعرِ وَالأَبحَاثِ يَخْتَارُ
مِثْلَ النُّجُومِ بِظَلمَاءِ الدُّجَى سَطَعَتْ
تَهْفُو إِلَيْهَا أَحَاسِيسٌ وأبْصَارُ
يَامَنْ نسجتُ لَهُ من مُهجَتي حُلَلاً
تَفْديكَ مِنَّا شَرَايينٌ وَأَعْمَارُ
يَا طَالِبَ الشِعرِ منْ أَصْفَى مَنَابِعِهِ
غَازي القصَيبي لِسُفْنِ الشِّعرِ بَحَّارُ