اطلعت مؤخراًَ وبتمعن شديد ضمن ثنايا الصفحات الفنية على الموضوع الذي كتبه الأخ تركي البسام في العدد رقم 11458 بعنوان (ستار أكاديمي يتحول من تعليم الغناء الى تعليم التفاهة) انتقد فيه هذه البرنامج الذي يبث يومياً على قناة خاصة اوجدت لهذا الغرض غير الهادف والذي لا يحمل أي مضمون مفيد للمشاهد والمتلقي على السواء، ففي كل يوم اصبحت البعض من القنوات الفضائية والتي تندرج وللاسف الشديد تحت مسمى القنوات العربية تعرض الكثير من الغث والسمين الذي لا يرتقي ابداً إلى طموحات المتذوقين في محاولة منها لسد الفراغات التي تعاني منها في بثها اليومي، وهذه القنوات لا تفكر ابداً في كيفية احترام المشاهد بقدر ما يهمها كيف تستطيع جذب المزيد والمزيد من المشاهدين والمعلنين اليها حتى لو ادى ذلك بها الى البحث عن الجديد من البرامج في مناطق اخرى من العالم، ولذا فقد دأبت مثل هذه القنوات على استنساخ العديد من البرامج الاخرى ولم تلتفت ابداً إلى كونها قد لا تصلح بتاتاً للعرض في قناة يفترض انها عربية، وعندما نقول (عربية) فإن ذلك يعني ان تحترم هذه المحطة مشاعر وأذهان المشاهدين وان تقدم لهم كل ما يتوجه مع مبادئهم وتقاليدهم العربية الاصيلة، لكن هذا الامر يبدو انهم لم يضعوه في حسبانهم واصبح كل همهم الشاغل هو كيف يمكنهم الحصول على اي جديد او مثير يمكن ان يضيف شيئاً إلى رصيدهم الفاشل خلقياً، وهؤلاء لم يكتفوا بتقليد غيرهم من الفضائيات العالمية وتقديم برامج شبيهة جداً منها كبرنامج الحلقة الاضعف وقصة كبيرة ويا ليل يا عين وسوبر ستار وغيرها من البرامج الاخرى وانما تمادوا في اعمالهم الى درجة انهم ظهروا لنا هذه المرة ببرنامج جديد وفكرة جديدة اسمها (ستار أكاديمي) وهذا البرنامج الغريب على مجتمعاتنا هو فكرة معروفة في اوروبا ضمن سلسلة ما يسمى في بتلفزيون الواقع reality tv وهي من البرامج المعروفة باعتمادها الكلي على التصوير الحقيقي للمشاركين في حدود اطار مكاني معين لا يستطيع المشاركون فيه تجاوزه كالتصوير داخل منزل او حديقة او في اي مكان آخر مغلق ولفترة معينة يمكن في نهايتها اختيار فائز واحد للحصول على جائزة البرنامج، وهذه القناة العربية المشهورة باستنساخ وتقليد العديد من برامج غيرها بسبب افلاسها الفني والاعلامي فقد قامت مؤخراً بجمع عدد كبير من الشباب والفتيات في مكان واحد على الرغم من ان الاختلاط محرم شرعاً وذلك بهدف تقديم فنان او فنانة عربية الى الساحة الغنائية التي تعاني حالياً من تخمة مطربين وليست بحاجة الى المزيد من امثال هؤلاء الذين يظهرون لنا كل يوم وبالجملة ليصارحوا ويتنططوا في القنوات الغنائية التي هي الاخرى اصبحت في تزايد مستمر لعدم وجود رادع او محاسبة عليها، وهذا الستار اكاديمي يتم من خلاله تصوير مشاهد حية في كل مكان يجلس فيه هؤلاء الشباب والفتيات او يتحركون خلاله، بل حتى ان الكاميرات وأعين المشاهدين تلاحقهم حتى في غرف نومهم وتغيير ملابسهم، وياليت الامر وصل الى هذا الحد بل انها تصور حتى كلمات الحب والاطراء وحركات الحميمية والاثارة التي يتبادلها الجنسان وعلى مرأى ومسمع من شبابنا وفتياتنا الذين يتابع عدد منهم مثل هذه التفاهات والتي قد تحدث تأثيرها العكسي في سلوكياتهم مستقبلاً، هذه القناة وبكل اسف لم تضع في حسبانها ان ما قد يصلح هناك في بلاد الغرب قد لا يكون يصلح هنا، وهذا بطيعة الحال لانها تندرج في نظري ونظر الكثيرين من التي تدس السم في العسل وتحاول دوماً ببرامجها الهابطة ومذيعاتها المتبرجات التغلغل في عقول المراهقين والمراهقات وتغيير الكثير من مفاهيمهم ومبادئهم التي تربوا عليها في منازلهم.
فلماذا لا يكون هناك ميثاق شرف عربي للبث الإعلامي حتى لا يمتلئ فضاؤنا بالمزيد من القنوات التي تشوش افكار الاجيال القادمة وتثير فيهم المبادئ التي يحاول الغرب تأصيلها في نفوسهم من خلال السلاح الاقوى الذي يستطيع الوصول اليهم في داخل منازلهم باسم البث المباشر.
محمد بن راكد العنزي
|