يطرح شارون نفسه كساعٍ للسلام وأن الآخرين هم الذين يحبطون خططه السلمية، فهذا الإرهابي العتيد يتحدث عن تفكيك مستوطنات وهو يدرك أن من بين بطانته من يسعى إلى رفع عقيرته برفض مثل هذه الخطط وكيل الاتهامات لشارون لكن ذلك سيظهر شارون كمناوئ للتطرف..
وفي الولايات المتحدة هناك من يشير إلى شارون باعتباره رجل سلام، ويبدو أن هذا التوجه سيكتسب المزيد من الزخم مع القناة الإعلامية التي انطلقت من الولايات المتحدة بغرض تحسين صورة أمريكا، وستحرص القناة الجديدة على تلميع الحليف الإسرائيلي فهو جزء من الصورة الأمريكية.
لكن فرض شارون قسراً أمر لا يمكن تمريره ولو تم صرف عشرات الملايين على هذه القناة الفضائية أوتلك، فالرجل لا يفتأ يُذكِّر الآخرين بأن مهمته الأساسية هي إعداد المذابح لقتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم وتجريف مزارعهم، وهو أيضاً بهذا الصدد، مدعوم بماضٍ حافل بكل أنواع القتل والسحل، ولعل مذبحة صيدا وشاتيلا هي فقرة واحدة في هذا السجل الدموي..
ولأن الإعلام لن يكتفي دائماً بنقل جانب واحد من الصورة فلا أحد في هذا العصر يعتمد على وسيلة إعلامية واحدة لتكوين تصور عن حدث أو شخص ما، لكن الصورة تكتسب صدقية بمدى تطابق الأقوال مع الأفعال، وسيفيد الولايات المتحدة كثيراً إقناع أهل المنطقة من خلال سياسات ترفض أسلوب القمع والسحل فلا يمكن لواشنطن وصف شارون بأنه رجل سلام والجميع يشاهد يديه تقطران دماً..
وستسهم القناة الأمريكية في تعزيز صورة أمريكا إذا شجعت واشنطن قادة إسرائيل على انتهاج السبيل الذي يمكن أن يؤدي إلى السلام بدلاً من تغاضي الولايات المتحدة عن هذه المذابح اليومية، ومن ثم محاولة الاستعانة بالدم الذي أُريق لإضفاء مسحات جمالية على وجه السفاح الذي يزيده بشاعة.
|