عقد الحوار الوطني جلسته الأولى في الرياض تحت سقف تجمع الأطياف وعقدت جلسته الثانية في مكة المكرمة للبحث في موضوع تعريف وتحديد الغلو والتشدد.. أما اللقاء الثالث الذي سيقام في المدينة المنورة.. فقد تم تحديد موضوع (المرأة) كمحور للحوار.
لقاء الحوار الوطني الأول كانت نتيجته التعارف.. كما حدد نصف فريق العمل للقاء الثاني، وفي اللقاء الثاني كان موضوع الحوار الغلو والتشدد.. ومحاولة تحديدها بعد الاتفاق على تعريفهما.. أما اللقاء الثالث للحوار فسوف يكون عن المرأة.. والمرأة هي نصف المجتمع التي تلد النصف الثاني.
اللقاء الوطني الثالث للحوار.. هو اللقاء العملي الفعلي.. فاللقاء الأول والثاني كانا تعارفاً وتفاهماً.. أما اللقاء الثالث فهو اللقاء العملي الأول.
ومن هذا المنطلق دعونا نتبادل الرأي بخصوص موضوع اللقاء الثالث.. ولا أظن أحداً منّا نحن الذكور سوف ينتقدنا على تدخلنا فيما لا يعنينا.. ولم لا؟.. أليس للذكر - حسب عاداتنا وتقاليدنا - القول الفصل في كل ما يخص المرأة؟!
حينما حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات مال وجمال.. فقال: (لا إني أخاف الله..) هل هو إقلال من شأن المرأة فلم يضفها إلى من يظلهم بظله.. حينما يدعونا رجل ذو مال وجمال فتقول: (لا).. إني أخاف الله..؟ حاشا لله أن يكون قد قلل من شأن المرأة.. فصفة العفة هي الطاغية على عقل المرأة.. لذلك فهي أكثر قدرة على حفظ نفسها.. وهذا لا ينطبق على الذكور للأسف.. لذا فمن يستطيع أن يسيطر على عفة نفسه من الذكور.. جعله الله سبحانه في ظله يوم القيامة.
كلنا يعرف ذلك ويؤمن به.. لكن ماذا فعلنا؟.. لقد تم اعتقال المرأة.. صحيح أنه اعتقال لطيف في كثير من جوانبه .. لكنه يظل اعتقالاً رغم قبول أمهاتنا به وخوف الكثير من أخواتنا من الفكاك منه.
المتابع لبعض ما ينشر ويقال عن المرأة.. سيجد أن (كل) ذلك البعض هي أصوات تدعو للتعامل مع المرأة كما أمر الإسلام.. وان الواقع القائم حالياً هو مختلف تماماً.. وان حقوق المرأة المسلوبة لم تسلب بحكم الإسلام، بل بحكم العادات والتقاليد.
وحيث إن مواضيع الحوار هي ذاتها أحاديث المجالس والتجمعات بشكل إجمالي.. فقد لفت نظري آراء متفائلة وأخرى أقرب للتخرصات في جوانب، والتأليب والتحريض في جوانب، وزرع اليأس والتثبيط في جوانب أخرى.
فهناك من يقول: إن موضوع المرأة من الضخامة والعمق والأهمية بمكان بحيث يجب ألا يسند أمره إلى حوار.. وهناك من يقول إن عتق المرأة من كونها (عورة) موضوع مبكر ويجب تأجيله حتى ننتهي من مشاكل وأمور أخرى أصغر وأسهل حلاً.. وهناك من يقول: إن القضية كلها تنفيس وجس نبض.. وإلا كيف يتم جمع قضيتين مهمتين كبيرتين هما: التعليم والمرأة في لقاء واحد؟!
وهناك من يقول: بالله عليكم كيف يناقش الذكور موضوعاً يهم الإناث؟.. القضية خاسرة من البداية.
ونحن مقبلون على مرحلة تاريخية جديدة.. دعونا أيضاً نستقرئ الأحداث.. ونحاول أن نرصد البدايات وتتابعها.. ونتابع القائمين عليها.. والداعمين لها.. والمجابهين المناوئين لها.
وحيث إننا في الشهرين الأولين من هذه المسيرة.. إذا اعتبرنا أنها بدأت بإعلان سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبد العزيز (أن موضوع الحوار الوطني القادم هو عن المرأة).. فليس أمامنا سوى رصد البدايات.
فالأحداث التاريخية مهما كان رأينا فيها.. أو موقفنا منها.. وقربنا وبعدنا عنها.. هي التي يحفظها التاريخ وتبقى في ذاكرته.. وترددها الشعوب في مناسباتها.
التاريخ كما يقولون هو سجل الأحداث.. ولا تقوم الشعوب بتذكر كل الأحداث المسجلة في سجلاتها.. لكنها لا شك سوف تذكر وتحتفي بالأحداث التي قادت إلى تغيير اتجاه.. أو أدت إلى طفرة أو هبوط في المعيشة.. أو أنتجت أمناً أو سببت خوفاً.. لذلك أرى أن الأحداث التي حصلت في الشهر التالي للحوار الثاني تعتبر أحداثاً مؤسسة للبداية التاريخية للحركة النسائية السعودية.. أهم هذه الأحداث (وفي رأي البعض أنها أشهر الأحداث بحكم التغطية الإعلامية وليست الأهم) هي منتدى جدة الاقتصادي.. والترشيح لعضوية مجلس إدارة هيئة الصحفيين.. وانعقاد الاجتماع النسوي الأول للإعداد للقاء الثالث للحوار الوطني.. ومحطة التلفزيون (الإخبارية).
هذه الأحداث سيعتبرها التاريخ خطوات أولى لما سيؤول إليه مصير المرأة في مجتمعنا.. لذلك يجب أن توضع التجربة (كامل التجربة) تحت مجهر المراقبة والدراسة.. وألا يسمح لأحد مهما كان ان يفرض رأيه أو أن يخطف رأي الآخرين.. إننا أمام فرصة لاستنهاض النصف الثاني للمجتمع.. ودفعه لأن يكون إضافة إيجابية للوطن.. لا دفعة إلى أن يدمر تماسكه.
السؤال المهم الذي اختم به مقالتي.. هو أنني وضعت كلمة (حركة) في العنوان.. فهل لدينا في مجتمعنا السعودي قيادات نسائية سعودية يمكنهن تشكيل وقيادة تلك الحركة؟.. فالحركة بمفهومها الأصلي تستدعي التخطيط المنطلق من فكر واضح.. وتستدعي القدرة على التنفيذ المنطلق من ثقة وإمكانات.. وتستدعي التمويل التطوعي.. هل لدينا في مجتمعنا ما يمكن أن يحقق ذلك؟
|