Wednesday 18th February,200411465العددالاربعاء 27 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل نحتاج للمطالبة بخروج المرأة للعمل؟ (1-2) هل نحتاج للمطالبة بخروج المرأة للعمل؟ (1-2)
د. محمد اليماني

لا يزال كثير من المهتمين بالحركات التحررية أو من يدعون الإصلاح يرفعون شعار عمل المرأة وأهمية إعطائها حقها كاملا في العمل.
ولا شك أن هناك عدة تساؤلات تثور عندما تناقش هذه القضية الحساسة، وهذه التساؤلات ليست خاصة بالمجتمع المسلم، ولا يقصد منها الاعتراض على عمل المرأة من حيث هو، لكنها ضرورية لفهم القضية وفهم مقاصدها وآثارها، وهل نحن نتحدث حقيقة عن مشكلة واقعة تعيق عملية التنمية ورقي المجتمعات أم أننا نتوهم مشاكل لا وجود لها بل ربما نستوردها بعملنا هذا؟
أول هذه التساؤلات هو هل المرأة أساساً محرومة من هذا الحق حتى نطالب بإعطائها إياه؟ والإجابة عن هذا السؤال متعددة الأبعاد، فطبيعة العمل المناسب للمرأة في كل المجتمعات تحكمها المعتقدات والقيم والأعراف السائدة في كل مجتمع؛ فالعمل الذي يكون مناسبا للمرأة في أوروبا قد لا يكون كذلك في اليابان، وما هو مناسب في اليابان ربما كان غير مناسب في الصين.
وأمر آخر هو أن هناك فرقاً وتمايزاً بين عمل المرأة وعمل الرجل في أحيان كثيرة، فما يصلح المرأة قد لا يكون صالحاً للرجل، وما يناسب الرجل قد لا يكون كذلك للمرأة. وهذا نابع من فطرة وطبيعة كل منهما، فمن الصعب الطلب من المرأة العمل في ورش السيارات وأعمال البناء على سبيل المثال، وهذا في كل المجتمعات وليس مقصوراً على مجتمع دون غيره، فعمل المرأة مؤطر بالمعتقدات والقيم السائدة وبطبيعة المرأة نفسها؛ ولذا فالحديث عن حرمان المرأة من العمل الذي لا ينطلق من أسس المجتمع وقيمه القصد منه الخروج عليها وتحطيمها، ويصبح ترديد هذا الشعار كيفما اتفق وخارج هذا الإطار مطالبة بالمستحيل، أو مطالبة بشيء دون إدراك معناه أو كنهه أو ما يقتضيه.
والسؤال الثاني هو هل المرأة عاطلة فعلاً عن العمل وغير حاصلة على حقها في العمل المناسب لها؟ والإجابة عن هذا السؤال يمكن الحصول عليها من واقع الحسابات الوطنية لكل بلد، والتي تقدر قيمة الخدمات التي تقدمها النساء اللواتي يعملن في منازلهن واللواتي يصنفن على أنهن عاطلات عن العمل حرمن من فرص العمل المناسبة ببلايين الدولارات سنوياً. وتعد صعوبة تقدير الأرقام الخاصة بهذه الخدمات من المشاكل التقليدية التي تواجه الحسابات القومية في كل دول العالم. وبناء على ما سبق فإنه يصعب تصور أن يكن عاطلات عن العمل ولا يقدمن أية خدمة للمجتمع وأن المجتمع يتنفس أو يعمل برئة واحدة فقط أو أن المجتمع يخسر خدماتهن سنوياً؛ فكل هذا يتناقض مع أبسط بدهيات الاقتصاد التي يتعلمها الطالب المبتدئ.
فالتعريف الدقيق للعاطل في هذا السياق هو من لا يقدم أية خدمة أما من ينتج خدمات تقدر قيمتها سنوياً ببلايين الدولارات فهو ليس بعاطل. ولو نظرنا للمسألة من جانب آخر وهو أن العاملات في منازلهن لا يعملن فيها ويحضرن من ينوب عنهن في أداء الأعمال المنزلية وتربية الأولاد، ففي هذه الحالة سيكون من يتولى القيام بهذه الأعمال نساء عاملات ويأخذن أجوراً صريحة وبناء على منطق من يعدهن عاطلات عن العمل فيما لو عملن في منازلهن فإنه إذا عملت كل واحدة منهن في منزل الأخرى والثانية في منزل الأولى وهكذا مع البقية، لأصبحن كلهن عاملات ولحصلن على حقوقهن في العمل. أما أن تعمل الواحدة منهن نفس العمل الذي تؤديه في منزل زميلتها ولكن في منزلها فهي عاطلة عن العمل ولم تحصل على حقها في العمل.
والمنطق الذي يوصلنا إلى هذه النتيجة المتناقضة يجعل دعوى من ينادي بخروج المرأة للعمل غير مفهومة إلا إذا كان يقصد منها غير ما يفهم من ظاهرها؛ فحينذاك ينبغي أن تسمى الأشياء بأسمائها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved