المذاهب المختلفة في هذا القرن يبدو انها توسعت وأخذت في الانفتاح كفوهة بركان.. مستمدة خطواتها من أيد عابثة سوداء وعقول غوغائية ضيقة التفكير قصيرة النظر.. ويبدو أيضاً أن الأفكار الميتة الفاشلة التي تظهر إلى الحياة كسيحة عاجزة.. تجد ضمائر ميتة تستقر بها، وعقول عاجزة تلتصق بها، ومن هنا يبدأ التوسع على حساب الأفكار الناضجة, والعقول الراسخة من أجل كل القيم والأخلاقيات.. غير أن تطاحن الأيدلوجيات السقيمة كان مبعثه في هذا العصر, حمل اللواء من أيدٍ مرتعشة فاشلة في ركب الحياة.
اننا إذا نظرنا إلى مجتمع (بكين) أو (موسكو) وجدنا أزمة عدم الثقة والخوف التام من المجهول.. والتشبث بمبادئ جاحدة حاقدة.
حكى لي أحد الزملاء.. أنه التقى في أحد مطاعم (الروشة) بلبنان بشاب صيني من (بكين) يدعى (يانج باو) جاء إلى لبنان لزيارة قريب روسي يعمل في سفارة موسكو بلبنان.. التقى به هذا الزميل, فسأله عن مدى المبالغات التي تحكى؟ ان كانت مبالغات عن (ماوتسي تونغ) والجيش الأحمر وغوغائية الشارع في (بكين)؟ فقال بالحرف الواحد: (آه.. أيها الأخ.. انها أزمتنا ونحن الضحية الأولى في نتائجها.. ان هذا الصنم الملعون - الرفيق ماو - ليس سوى تمثال رمزي مضلل لعقول الشباب ومستعبد لأفكار المراهقين والغلمان. تحت شعار الاصلاح, وان الاصلاح لبرىء من أمثاله..).
ثم أردف الشاب الناقم (يانج) مستطرداً, ما زلت أتذكر حكمة صدرت عن سيدي العظيم - كونفوشيوس - يقول فيها: (الفكرة الميتة, والفكرة السقيمة, الاثنتان ترجعان إلى النعش سريعاً).. وانها يا أخي فكرتنا عن النعيم الأحمر وعن - ماو - الطاغية, ولمعلوماتك.. أود أن أخبرك بأنني لن أرجع إلى - بكين - بل سأذهب إلى عمي في - تايبيه - وهو رجل فاضل طالما ندد بهذا الصنم القذر.. وليس لدي ما أحزن عليه في - بكين - سوى فراق صورة قذرة - لماو - في غرفتي، فرضها علي اكراها زمرة من الغوغائية والمراهقين تحت تهديد - السونكي -.
هذه صورة أبلغ من كل تعليق شهد بها واحد من أبناء - بكين -.
والصورة الثانية.. من أديب عربي زار - موسكو - سائحاً, فقال: على ضفاف (الفولجا) تجد الحزن على الوجوه يمثِّل أزمة في عدم الحرية والاستقرار، ولقد قابلت زوجة أحد الأدباء الروس الذين يعانون من (الاضطهاد)؛ ويعني بذلك الأديب الروسي الشاب (ايمالروف) قابلتها سراً, فكانت متشحة بالحزن والسواد، تترقب خبر (نعي) زوجها.. ثم أردفت تقول (ان حظ زوجي لهو أحسن حظاً من (الكسندر سولجيستنتين) و(مكسيم باروف) و(سمركمرفسكي) وغيرهم ممن جرِّدوا من حقوقهم وجوائزهم وجعلوا هياكل عظيمة من التعذيب وفقدوا طعم الحياة في مجاهل (سيبيريا).
مصيرهم في ذلك كمصير بعض زعمائهم، الذين انقلبت عليهم الأيام، وفي مقدمتهم وزير الداخلية الأسبق (بيريا) الذي مات يتجرع الألم في مجاهل سيبيريا و(سيمون تويوفيلوف) الذي غدر به زملاء الكرملين.. حباً بالسلطة، كل ذلك من أجل لفظهم أفكار (ماركس) و(لينين) واعلانهم سياسة الرفض التام من أجل كل خدعة توصل إلى (نعيمهم المجهول والمزعوم في نفس الوقت).
قابل الزعيم الايطالي (موسوليني) يوماً شاعر الاسلام الكبير محمد إقبال في إحدى المناسبات التي أقيمت آنذاك في روما، فسأله عن مذهب (ماركس) ورأيه في هذا؟ فقال اقبال (لمَ لا تسألني عن ديني، دين محمد لكي أعطيك الرأي الفصل)؟
وبعد.. ان الشيوعية هي أخطر أنواع الاستعباد في هذا القرن، لا تؤمن بكرامة ولا تعترف بعقيدة، ولا تحترم شعوراً، فإلى أين أيها التائهون العادون وراء الشعارات المسمومة، كفى الله الاسلام شر هؤلاء.
|