سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
طالعت ما نُشِر بعدد الجزيرة رقم (11457) الصادر بتاريخ 19-12-1424هـ بالصفحة رقم (16) تحت عنوان (موظفو البريد؟!!) بقلم الكاتب عمرو بن عبدالعزيز الماضي. والحقيقة أن ما تضمنه المقال حول ما يعانيه موظفو البريد هو في محله تماماً، وأصاب كبد الحقيقة، فبالرغم من التطور الكبير الذي شهدته خدمات القطاع البريدي خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية إلا أنني صُدمت كثيراً عطفاً على ما شاهدته مؤخراً خلال مراجعتي لإدارة بريد الخرج المركزي، لقد دُهشت من حال موظفي صالات استقبال المراجعين الذين ظهر عليهم الوجوم وعدم الجدية في أداء العمل وعدم القدرة على التفاعل مع المراجعين، ودفعني هذا الموقف للتحاور مع أحد الموظفين حول هذا التقصير ومسبباته من موظف يُنتظر منه الحرص على تقديم أفضل الخدمات المتاحة والتفاعل مع احتياجات المراجعين. لقد دُهشت كثيراً مما سمعت، ورغم تكتم غالبية الموظفين ممن تداخلوا في الحوار الساخن في بادئ الأمر إلا أن انتقاداتي المتواصلة لهم واللاذعة أحياناً أجبرتهم على كشف سر هذا الوجوم والتقصير. لقد تحاورت مع موظفين يحملون كتلاً من الإحباط، وجدتهم حقيقة في حال يُرثى لها (موظف يتساءل بحرقة: كيف تطالبوننا بالجدية ونحن نعاني من عدم الجدية من قِبَل المديرية العامة للبريد مع مطالبنا النظامية؟! كيف تطالبوننا بالتفاعل ونحن نعاني التجاهل؟!).
تصوروا أيها الإخوة أن هناك موظفين في إدارة بريد الخرج المركزي مجمدين وظيفياً، أحدهم منذ عشرين عاماً، وغالبية الموظفين تتراوح فترات تجميدهم بين (10-18) عاماً، وكنت أعتقد في بادئ الأمر أن هناك مبالغة في الوصف، وأنها محاولة فقط لإقناعي بعدم تصعيد الموضوع، إلا أن حواري المستفيض مع عدد من موظفي الأقسام الأخرى ممن التقيت بهم أكد صحة المعلومات والادعاءات، بل وكشف لي العديد من نواحي القصور في هذه الإدارة. إن أبرز الملاحظات وحالات القصور التي خرجت بها من هذه الزيارة أن إدارة بريد الخرج المركزي والمكاتب والشعب التابعة لها تعاني عجزاً كبيراً وملحوظاً في القوى العاملة، لقد وجدت أن هناك موظفين يعانون من زيادة الأعباء الوظيفية، وبعضهم مكلف بمهام ثلاثة موظفين، وبعض هذه المهام ليست ذات صلة بطبيعة وظائفهم، وهذا بالتأكيد نتيجة للعجز والنقص. إنني أجزم أن هناك خللاً ما في إدارة بريد الخرج، والمسئولية بلا شك تقع بالدرجة الأولى على عاتق القائمين على المديرية العامة للبريد، وإلا لماذا هذا العجز غير الطبيعي في عدد الموظفين؟! إن مشكلة إدارة بريد الخرج الحقيقية من وجهة نظر الكثيرين هو ارتباطها الإداري في بريد الرياض، والأمر المنطقي حقاً أن تحسد الخرج لارتباطها بالرياض العاصمة، لكن المنطق شيء والواقع شيء آخر!! وأجزم أن الوقت قد حان فعلاً للبدء في إعادة هيكلة إدارة بريد الخرج المركزي واستقلالها الإداري عن بريد الرياض، ورفع مستواها بعد دعمها بالكوادر البشرية المؤهلة والآليات ذات المواصفات الحديثة والذي تفرضه الكثير من المعطيات بما يتناسب مع المستجدات والبعد الإستراتيجي لمدينة الخرج، وبما يمكن هذه الإدارة من تقديم الخدمات المناطة بها التي تغنيها عن المركزية والبيروقراطية. والأمر ولا شك يقتضي إعطاءها صلاحيات أكبر تواكب التطور الذي تعيشه المدينة، والأمر أيضاً يقتضي افتتاح عدد من المكاتب والشعب البريدية في شمال وغرب الخرج، سواء داخل المدينة أو في البلدان والقرى التابعة لها، وهناك مطالبات متعددة تدعو الإدارة العامة للبريد إلى ضرورة التوسع في خدمات البريد الممتاز التي لم تلق الانتشار في مدن المحافظة وقراها، والحاجة تقتضي تعميم هذه الخدمة في جميع المكاتب والشعب، وخصوصاً في الخرج والدلم. وهناك ملاحظة مثار تساؤل متكرر حول عدم وجود لوحة رسمية على مبنى إدارة بريد الخرج المركزي، ويبدو أن المديرية العامة للبريد تمارس الترشيد على طريقتها الخاصة!! لكن المهم الآن مع اقتراب الانتقال للمبنى الجديد أن نرى لوحة تتناسب مع مبنى بريد الخرج المركزي الذي شارف على الانتهاء، كما أنني على يقين من أن القائمين على وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، لا سيما المديرية العامة للبريد، سيأخذون هذه الملاحظات على أرض الواقع بما يتفق مع المصلحة العامة.
عثمان بن صالح القحطاني / الخرج |