كيف تجسر علاقتك مع الآخرين والمحيطين بك على المستوى المجتمعي، ولاسيما أنت تعيش في مجتمع تفتقد فيه المؤسسات المدنية التي من مهامها تجسير غربة المجتمع المدني وتباعد أفراده.
وكانت د. هدى المنصور طفرة مجتمعية رائعة، فهي لم تكتفِ بدورها العلمي ما بين المختبر وعينات الدم، بل حملت في أعطافها حلماً نبيلاً سامياً، وقررت أن تحارب عدواً شرساً يفتك بالكثير من أطفال المجتمع وترى ضحاياه تتساقط من حولها يوماً إثر الآخر نتيجة لانعدام الوعي وقلة المعرفة، فرأت أن ضحايا (الثلاسيميا) لا يكفيهم وصفة علاجية ومن ثم يغلق ملف المريض كما هو متبع عادة، طبعها النبيل والطموح جعلها ترفض هذا الحل السهل والمتاح الذي يلجأ له الجميع من البشر العاديين ولكن بما أن هدى متميزة، اختارت الحل الآخر والدرب الأصعب.
تبنت (هدى المنصور) مشروعاً صحياً توعوياً حول خطورة الزواج بين الأقارب وأثره على الأمراض الوراثية ولاسيما أمراض الدم.
وما قامت به هدى المنصور وحيدة يعجز عنه فريق عمل متكامل في وزارة الصحة برمتها، فهي لم تدع باباً لم تطرقه في سبيل هدفها، رفعت الموضوع لشيوخنا الأفاضل وسعت إلى إصدار فتوى حول هذا الموضوع ورفعت الموضوع إلى الجهات المسؤولة حول ضرورة الكشف الطبي قبل الزواج وقامت بحملة إعلامية رائعة وكبيرة رأينا جميعنا آثارها وانعكاساتها من محاضرات وندوات وتغطيات إعلامية في الصحف والتلفاز، هدى المنصور كانت فريق عمل متكامل وضعت نصب عينيها هدفها النبيل الذي حينما بدأت تقطف ثماره، بزغ لها أعداء النجاح وأولئك الذين نراهم متناثرين ومترصدين في كل منعطف والذين لا يعملون ويزعجهم أن يعمل الآخرون.
(هدى المنصور) بعد أن كانت رئيسة قسم أمراض الدم الوراثية، أعيدت إلى المختبر!!!!!
هدى المنصور التي سعت إلى ترسيخ خطورة مهمة كان من واجب وزارة الصحة القيام بها قبل أجيال.
هدى المنصور التي تقدم واجهة مضيئة ومميزة للمرأة السعودية توارت خلف غياهب الجب ، فنسيج المجتمع الذكوري لا يحتمل هذا النجاح الأنثوي، لا يقوى على النظر للمرأة في مقدمة الكتيبة، لابد أن تتوارى في الكواليس (كسكرتيرية تنفيذية فقط) مجتمعنا لم يصل بعد إلى أن يستوعب ظاهرة بحجم (هدى المنصور).
|