بوسعي التخمين بأنه قد سبق لك أن كتبت شيئا ما - وليكن عنوانا بريديا او رقم هاتف على سبيل المثال - غير أنك لاحقا لم تستطع قراءة ماخطه يراعك. وبوسعي أيضا أن أخمن بأنك حينها قد عزوت السبب في ذلك إلى عوامل مباشرة مثل كونك كنت في عجلة من أمرك.. أو أنك كنت تعاني من عدم التركيز ولم تكن في حالة ذهنية مناسبة، ومن الممكن أيضا أنك قد (لزقتها!) بالقلم ذاته حين اتهمت حبره بالنفاد وبذلك فهو الذي شوه جمال عباراتك إلى الدرجة التي معها لم تستطع قراءتها... وبالطبع فبمقدورك ان تضيف ما تشاء إلى قائمة الأسباب المباشرة آنفا.
ودعني - في ضوء عجزك عن قراءة ما خططته أنت شخصيا - أسألك عما إذا كنت متأكدا من أنك (أنت) من كتب الخط أصلا؟! أو ليس من المحتمل أنك لم تكتبه وأن غيرك قد يكون قد كتبه بالنيابة عنك..؟! فمثلما أن هناك من يتقول على لسانك شعرا فثمة من (يتكتب!) على يدك أو بالأصح يكتب عنك!.
ولم لا؟! فطالما ان للشعر شياطينه، فما هو المانع إذن أن يكون للكتابة شياطينها أيضا؟! ومثل هذا القول يمنح المزيد من المصداقية لما كان يعتبر في الماضي في عداد الأساطير والخزعبلات، مما محوره وادي عبقر وساكنيه من الجن والذين نسب - وينسب - إليهم بالتلبس -عبقرية بعض الشعراء فالجديد في هذا الشأن وفقا للفرضيات العلمية الحديثة يتمثل في اتساع مفهموم العبقرية - كما هي منسوبة الى عبقر - لتشمل علاوة على الشعر العديد من المجالات الإبداعية وغيرالإبداعية ومن ضمنها الكتابة وخط اليد والرسومات التشكيلية ونحو ذلك. ان هذه الظاهرة من الظواهر القديمة التي وجدت لها- حديثا- حيزا مرموقا في أحضان مشارط العلم والتجريب، وتتعدد أسماء هذه الظاهرة حيث تعرف بالهيمنة الروحية: Control Spiriual ، والكتابة المباشرة: Direct Writing، والكتابة التلقائية: Automatic: Writing، وغير ذلك مما محوره فرضيات التلبس بعبقر وأمثاله من الجن والعفاريت ممن يعرفون أحيانا باسم (الوسطاء).
في الختام وعلى افتراض صحة الفرضية الماثلة بأن من يجيد قرض الشعر فلديه شيطان شاعري مجيد، فيصح القول أيضا بأن من خط يده سيئ لديه جني خطه أسوأ.. وعليه أوجه النداء إلى ذوي الخطوط السيئة (وأنا أولهم!).. إن أردتم تحسين خطوطكم فحسنوا أولا من خطوط قرنائكم...
|