قال: هل يمكن الجمع بين موالاة الغرب في فكره وثقافته وسياسته وبين الولاء لله عز وجل، وموالاة المسلمين؟
قلت: كلا، إنما يمكن التعامل الحسن مع الغرب وغير الغرب، أما الجمع بين طرفي النقيض فلا يمكن، إلا في الأساطير.
والأساطير عند العرب في هذا المجال تأتي بالأعاجيب.
هذا الثعالبي يقول: من خرافات العرب قولهم: إن مخلوقاً اسمه (الخُسُّ) نشأ من علاقة بين إنسي وجنية، و(الغملوق) نشأ من علاقة بين الآدمي والسعلاة، و(العِلْبَان) بين الآدمي والمَلَك.
كما زعموا أن قبيلة (جُرْهُم) كانت من نتاج حدث بين الملائكة والإنس، وزعموا أن بلقيس ملكة سبأ كانت من هذا النوع، وزعموا أن النسناس نشأ من علاقة بين الشِّق والإنسان، وأن الشِّق ويأجوج ومأجوج هم نتاج ما بين النبات وبعض الحيوان.
أرأيت كيف كثرت هذه المزاعم والخرافات بهذه الصورة التي لا أساس لها في الواقع أبداً؟
بإمكانك أن تضيف إليها ما يدعيه البعض من إمكان وجود حالة خاصة في تاريخ الأمة تنتج من الجمع بين المتضادين (موالاة الكفار وموالاة المسلمين في آن واحد)، حتى تكون إضافة إلى المزاعم والخرافات السابقة. نحن لنا ضوابط شرعية واضحة في حسن التعامل مع الناس جميعاً، وفي السماحة، والإحسان، دون تفريط في ثوابت الدين التي وضعها رب العالمين.
رقيّ
من شعري:
ربِّ ماجت بخاطري حسراتي
وتنادت مع الدجى زفراتي
وانبرى الحزن لي بسيف صقيل
وبرمح مسدّد الطعنات
رَبِّ، لولاك ما جرى نهر عزمي
في عروقي ولا مشت خطواتي
بك يا رب أستعين وأرجو
منك عفواً به تزول شكاتي
يثقل الهمّ كاهلي، فيريني
أملي في رضاك صفو حياتي
منك يا رب أستمدّ يقيني
وصمودي وهمّتي وثباتي
كل ما في الحياة يصغر لمّا
أترقّى إليك في صلواتي |
مشكاة نبوية
يحمل أبو هريرة - رضي الله عنه - مشكاة نبوية مضيئة في يده، يقدمها إلينا، معطرة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم وسوء ذات البين، فإنها الحالقة).
كيف تكون الحالقة؟، إن العداوة والبغضاء بين الناس تفتك بالمحبة والمودة، وتصيب القلوب بالحقد، وتنفر الناس من بعضهم حتى تصبح حياتهم مليئة بالكراهية، فهي تشبه تلك الموسى التي تحلق الشعر وتذهب به كله، لأنها تحلق الدين، وتذهب بروح المودة والاخاء.
وهذا المعنى هو الذي أراده عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما خطب الناس بالجابية بكلام ثمين رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء فيه : (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، مَن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، من سرّته حسنته، وساءته سيئته، فذلكم المؤمن).
يا لها من أضواء نبوية كاشفة لكل غبش يحول دون رؤية الحق!
لمحة بلاغية
في قوله: (وهو من الاثنين أبعد)، ما يوحي ببعده الكبير عن الثلاثة فما فوق، فكيف بحال الجماعة، إن بعد الشيطان عنها كبير عميق.
إشارة
أذكّر نفسي حين تنسى بربها
وفي ذِكْر ربي ما يزول به دائي |
|