بالرغم من الضغوط التي تمارسها الأحزاب والقوى الطائفية والسياسية التي تهيمن الآن على الساحة العراقية مستفيدة من علاقاتها الوثيقة بقوات الاحتلال سواء بتعاونها إبان الغزو أو مهادنتها لها خلال فترة الاحتلال، ولهذا فإن هذه القوى التي فرضت هيمنتها على الواقع العراقي بعد الغزو تواصل ضغوطها لترجمة هذا الواقع من خلال إجراء انتخابات تترجم مكاسب المتعاونين مع الاحتلال، وهذا ما دفع القوى الأخرى سواء المهمشة أو حتى التي لها علاقة بالاحتلال الأمريكي إلى المطالبة بتأجيل الانتخابات حتى الوصول إلى ضمانات بعدم استغلال الأوضاع غير الطبيعية وفرض الأمر الواقع لصالح فئات وقوى حزبية ليست بالضرورة هي الغالبة، ولذلك فقد وجدت القوى المعارضة لجهة التعجيل بموعد الانتخابات أو التحفظ على آلياتها، وجدت في أقوال السيد الأخضر الإبراهيمي مساندة قوية لمواقفها، فرئيس وفد الأمم المتحدة الذي جاء لدراسة الواقع العراقي وإمكانية إجراء الانتخابات قبل موعد تسليم السلطة للعراقيين، وجد أن الوقت غير مناسب لإجراء انتخابات نزيهة تفرز واقعاً صحيحاً وواقعاً لنسب التمثيل في الطيف العراقي سواء من حيث الحصص السياسية أو الطائفبة ولذلك فإن الإبراهيمي أفصح عن مخاوفه من أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى مشاحنات سياسية تقود إلى حرب أهلية، ولهذا فإن الحكمة تقتضي عدم الإصرار على إجراء الانتخابات في وقت قريب، وألا يتم إجراؤها إلا بعد استكمال آليات وإجراءات فنية تضمن تساوي فرص الجميع دون طغيان فئة على أخرى.
تقرير الأخضر الإبراهيمي الذي لم يكشف عنه بانتظار أن يعلن بعد تقديمه للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان تسربت بعض فقراته من خلال تصريحات السيد الإبراهيمي نفسه، وكذلك من خلال المواقف التي توالت في اليومين الأخيرين، فالجماعة التي تتبنى مطالبة السيد السيسيتاني اعتبرت أقوال الإبراهيمي مخيبة للآمال، أما السيد زيباري وزير خارجية العراق المعين فتصريحاته في الكويت تتجه لجهة تأييد التريث في إجراء الانتخابات لحين استكمال آليات ضمان حياديتها وأمانتها هو نفس مواقف أعضاء مجلس الحكم الممثلين للسنة والأكراد والتركمان.
كما أن كفة المؤيدين لإرجاء الانتخابات من خارج العراق أخذت في الازدياد، وسيكون رأي الأمم المتحدة المبني على تقرير الإبراهيمي دافعاً أكثر لزيادة الضغوط الدولية الساعية إلى تأجيل الانتخابات مع التأكيد على مبدأ إجرائها وعدم تأخير وقتهاً طويلاً، وهو نفس الاتجاه الذي تريده قوات الاحتلال الأمريكي والحاكم بول بريمر.
|