Tuesday 17th February,200411464العددالثلاثاء 26 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

التعاطي مع الإعلام كيف كان وصار وبات التعاطي مع الإعلام كيف كان وصار وبات
محمد بن ناصر الأسمري

التعاطي مع الإعلام, عنوان مقال جميل سطره يراع أنامل خالد المالك بفكر عميق وأبعاد ودلالات أعمق. وقد أبدع الرجل ولا أقول أجاد, فأنا في حال قامته ومقامه الفكري مهارة ودربة وممارسة, لا أصلح للحكم على ما سطره بالجودة. وهذا حال المعلم ومن يتعلم! وهنا فأنا اعتقد أن الصراحة والمصداقية التي سامق بها تطلعات النخب الفكرية في الوطن على وجه الخصوص وكل الوطن عموماً هو ما كان يجب أن يتم منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت على الأقل. والسبب في نظري لأن تلك كانت إرهاصات الفترة الذهبية الحضارية المشرقة حين كانت نسبة العائدين من البعثات من الخارج سواء في الدراسات العليا أو الجامعية متوالية في الارتقاء, يتعالى عليها النسب الأكبر من المتخرجين من الأجيال المتلاحقة من جامعات الداخل؟ ولا اغفل الافتتاح الفكري المجتمعي على أوعية متنوعة من المعلومات صوتاً وصوراً ومطبوعاً رغم ما كان وما زال يحدث من توجس وتوحش. وبطبيعة الحال لا يمكن إغفال ما كان من اثر من التأثير والتأثر الحضاري المتبادل مع الثقافات التي تم التلاقح معها داخلياً من خلال شركات النفط والغاز وغيرها من شركات الاعمار العالمية التي أسهمت في بناء البنية التحتية خلال العقود التي كانت جلابة للوفرة المالية بعد قفزة أسعار النفط.
نعم يا خالد المالك
لقد سطع نجم وطننا السعودية عالياً في سماء الإنجازات العالمية, من خلال التعاملات السياسية والنفطية التي مارس فيها وطننا بكل التواضع سياسة المسؤولية الاجتماعية واعتدال التوازنات في المواقف والرؤى والمصالح عربياً وإسلامياً وعالمياً.
لكن نمطية الحراك الإعلامي (المجتمعي) السياسي لم يكن يرقى الى مستوى ما ينظر به العالم لنا كقوة سياسية واقتصادية لها ثقل على كل المحاور الثلاث التي سبق إيرادها! ولا أعلم ماذا يمكن ان نسمي هذه الهشاشة التي أوجدت في النهاية فقدان الكثير من الحيوية والفاعلية والمناعة في استثمار الوضع المثالي الذي قبله العالم لنا وكان بالإمكان التعامل إعلامياً على قدر المستطاع بالفكر السعودي من خلال الكوادر الفتية التي تعلمت, مع الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية ذات التخصص العلمي والأداء المهني الخلاق لخطاب سياسي إعلامي تسويقي تشويقي تثقيفي ينقل صور الحراك الاجتماعي والاقتصادي ويسمح بالإفادة في المقابل من الفكر العالمي بما يثري ويزيد من إبراز صور أكثر صدقاً وواقعية.
نعم يا خالد
لقد غفلنا عن ممارسة سياسة إعلام واعٍ ينطلق من حضارية الدور القيادي الذي تحتله بلادنا قبلة لأمة الإسلام, ومهد الدعوة التي قادها إمام دعوة التوحيد محمد بن عبد الله عليه وعلى كل أنبياء الله السلام, ثم من خلال ما كان لنا من ثقل في الاوبيك والاوابك بل ما كان لبلادنا من دور في خلق منظمات اكتسبت سمة العالمية وكنا بلاد المقر لها..رابطة العالم الإسلامي, مؤتمر التضامن الإسلامي, مجمع الفقه الإسلامي, اتحاد الإذاعات الإسلامية..وغيرها.
أما السبب أيها المعلم خالد المالك لبروز الهشاشة واختفاء البشاشة
ذلك ان الانكفاء على مذهب توظيفي واحد اعتمد على الثقة دون غيرها ليس في الإعلام وصورة بلادنا بل في جل مناشط العمل ومجالات الإنماء. ولهذا كان نمط التعامل الرسمي الجامد مع الإعلام هو ما ظلم بلادنا أرضاً وإنساناً وقيادتنا السياسية, ظلم ذوي القربى الذي هو أشد مضاضة من وقع الموجة العاتية في البرق أو شبكات الإعلام أو أودية السيليكون.
إن وطناً له كل مزايا القوة السابق التطرق إليها, لا شك أنه سيحتل مكاناً بارزاً من الاهتمام الإعلامي, وبالتالي فإن تنوع المصالح وتلونها تستدعي تباين النظر والتعامل مع مثل وطننا بين مادح وقادح ومضلل وذي هوى, فالشجر المثمر هو المستهدف بالرمي والالتقاط. يا لك من رجل عظيم يا خالد، تقول: (نعم هنالك حصار إعلامي رهيب حولنا, حصار يقدم للآخرين بتقنية عالية ومؤثرة وجذابة, وله من يتابعه, واستطيع أن أقول من يتجاوب معه, نظراً لغياب الرأي الآخر أو المعلومة المضادة).. وهنا مربط الدالة والاستدلال وفرس الرهان. أما الدلالة فهو قولك هو توفير المعلومات وبلا تهيب أو حذر من إفشائها. وهنا قواصم لا عواصم منها, سببت الهشاشة في عظام التعاطي مع الإعلام خارجياً على وجه الخصوص وداخلياً لعل ما يلمع في المخيال منها:
- لقد فشل التعاطي الإعلامي بسبب حملات العلاقات العامة التي مورست ربما بعيداً عن جهاز الإعلام الرسمي, والسبب أنها غير محددة للجمهور المستهدف فهي غالباً توجه ظناً لا حقيقة الى جمهور نخبوي يعرف أن بعض حملات العلاقات العامة ليس لها مصداقية مثلها مثل الدعاية التسويقية لأي منتج كان فكرياً أو استهلاكياً أو حتى في حملات الدعايات الانتخابية. من أجل هذا يا أبا بشار لم نتقبل بفروسية ولا غيرها, ما كان يقال عنا سلباً أو إيجاباً والتي سميتها جزءاً من اللعبة الإعلامية.. أتدرى لماذا؟؟ لأننا نعتبر اللعب شيئاً معيباً مع أن حرب النجوم وعاصفة الصحراء ومحق العراق كانت ألعاباً تم تطبيقها بمهارة فائقة.
- مذهب التقية مارسناه إعلامياً دون إكراه ولا اطمئنان.. وذلك من خلال الخوف من المعلومات ونشرها, والتستر بحجب وأغطية لا تحجب رؤية ولهذا مارسنا تقية امتلاك مواطنين أغنياء أثرياء مادياً وفكرياً لقنوات وأوعية إعلام تذيع قضايانا من الخارج.وكان الثمن لهذا نزف المال في الصرف والإنفاق وتوظيف عناصر تتحدث عن قضايانا الوطنية بغالي الأثمان كان الوطن في حاجة إليها لاثمار واعمار دفع غول البطالة والفقر.
- لقد كنت بارعاً حين صورت هذا الحال بأنه استنزاف للاستثمار السعودي في الإعلام السعودي المعزول.
- لقد كان للتحولات المخيفة التي صاحبت تدني التعليم مهنة وممارسة واكتساباً وتحصيلاً أمر بالغ يمكن اعتباره من القواصم للتعاطي الإعلامي.
ذلك أن بعض المعلمين والمعلمات قد تحولوا الى مفتين لا معلمين فخلقوا طبقية في التعاطي مع الإعلام صناعة ومهنة ومهارة أداء وممارسة, لا بل أوجدوا هزة ثقة بين الأبناء والطلاب في من يكون الصادق الأب والأم الحريصان على حسن التعلم أم المعلم الذي يقول بما يرى من خارج الدرس؟
- كذلك الحال مع بعض الخطباء والأئمة والوعاظ, لقد تخلوا عن الوعظ والإرشاد الى الإفتاء فصار الحصار الإعلامي المخيف الذي قلت به ليكون داخلياً وخارجياً.
شكراً يا خالد المالك إذ كنت شجاعاً ونقياً في الوضوح والإيضاح دون ورق شفاف بل مباشرة في تغيير الصورة النمطية السائدة الطاغية في شأن التعاطي مع الإعلام. ونعم لك بالصوت الرفيع لذب حجب الحقائق والخوف من المعلومات. نريد تعاطياً دون منشطات أو مثبطات؟
نعم للاعتراف بالأخطاء والقصور
نعم لقبول النقد استناداً لنظرية إهداء العيوب فهي منطق الجودة الشاملة والضابط لها.
نعم للابتعاد عن وهم الأفضلية والاحسنية التي مازالت ضمن انساق فكر الانعزال.
لكن يا أبا بشار
أنت رئيس تحرير لك نصيب وافر في فتح نوافذ أكثر للحرية في ممارسة النقد والطرح الجاد والحر النزيه وقد فعلت بمقالك (التعاطي مع الإعلام) فعلاً لك عليه كل التحية والتقدير, لكن يا خوفي من آخر المشوار أن يختل ما دعوت إليه ونعود للتقية في التعاطي مع الإعلام والحوار ويضيع علينا برنامج من سيربح المليون.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved