تعتبر دوالي الأطراف السفلية من اضطرابات الأوعية الدموية الشائعة، ولذلك فهي تشغل حيزاً لايستهان بحجمه من أعمال الجرّاحين، ونظراً لوجودها على سطح الجسم فإن أبعادها الجمالية والنفسية تظهر على المريض قبل تلكم العضوية.
تقسم هذه الدوالي إلى أولية، وتلك الناتجة عقب تخثر أوردة الأطراف السفلية وعجز الأوردة النافذة، ويعزى السبب الرئيسي للدوالي الأولية إلى عجز صمامات أوردة الأطراف السفلية إلا أن جزءاً منها ينتج من انفتاح الأوردة على الشرايين.
وتجدر الملاحظة هنا إلى أن توسع الأوردة السطحية الدقيقة لايعتبر دوالي أوردة وتبقى الأهمية منحصرة بالناحية الجمالية.
وغالباً ما تأخذ الدوالي الأولية مساراً عائلياً، يزيده شدة الأعمال التي تتطلب الوقوف لأوقات طويلة، ويجب التذكير هنا بأن الحمل يساعد على ظهور الدوالي الأولية.
تشكل آلام الأطراف السفلية بعد الوقوف لفترات طويلة أولى الأعراض العضوية لدوالي تلكم الأطراف، ويمكن أن يعقب هذا تغيرات وحتى تقرحات بالجلد، ومن الجدير بالذكر عدم إغفال إمكانية كون آلام الأطراف ناتجة عن مسببات غير الدوالي بالرغم من وجودها.
وتكمن هنا أهمية الفحص الدقيق لأي مريض يشكو آلام الأطراف السفلى مع الدوالي خوفاً من كون هذه الآلام مرتبطة بقلة ورود الدم الشرياني إلى الأطراف أو التهابات مفاصل الحوض أو الأطراف السفلى أو تهيجات عصبية.
احتلت طريقة معالجة دوالي الأطراف السفلى بالزرق موقعاً مميزاً، وحددت أبعادها ودواعي استعمالها بشكل دقيق مما يظهر أن تقدم علوم اليوم قد يستمر فاتحا الباب أمام تقنيات بسيطة لأنها ذات أثر فاعل، وأكثر من هذا فإن هذه التقنيات تؤتي ثماراً مطابقة لتلكم الحاصلة من العمليات الجراحية عند استعمالها لنفس الحالات ولكن باختصار هائل لعنصر الزمن وبابتعاد عن كل المضاعفات المحتملة من الجراحة، ويشمل هذا الكسب محصلات جمالية عالية.
تعمل طريق الزرق على تخثر مقاطع من الأوردة السطحية، ولنجاح الطريقة يستحسن أن تكون الأوردة متصلة بالأوردة النافذة المصابة بالعجز، ومن المهم عند تطبيق هذه الطريقة أن يتم الزرق داخل وريد مفرغ، ومن بعده مباشرة الضغط عليه لمدة طويلة كما يتم انسداده وإلا تحول الوريد إلى كتلة بارزة ومؤلمة يمكن أن تعاود الحالة.
يفضل استخدام طريقة الزرق لمعالجة الدوالي على الأوردة تحت الركبة وغير المتصلة بالأوردة الطويلة المصابة نفسها بالدوالي، وعند إصرار المريض على المعالجة بالزرق للدوالي ذات الاتصال المذكور لعدم الرغبة في دخول المستشفى لاجراء عملية جراحية لها، فيجب إبلاغه بأن عمر الفائدة من الزرق في هذه الحالات لا يتعدى 3-5 سنوات ويجب معاودة الزرق عندها، أما الأوردة النافذة فإنها تستجيب بشكل كامل للمعالجة بالزرق.
يفضل عدم استعمال طريقة الزرق لمعالجة دوالي الأطراف السفلية في الحالات التالية:1- دوالي أوردة الأطراف السفلية الطويلة2- دوالي فوق الركبة3- دوالي الأوردة القريبة من الشرايين. 4- وجود مرض الحساسية5- التهيج والتقرح بالجلد. 6- الحمل. 7- استعمال حبوب منع الحمل. 8- أي مانع لاستعمال الضمادات لمدة طويلة مثل: قلة ورود الدم إلى المنطقة. 9- الضعف والوهن العام الذي يمنع من السير لأي سبب. 10- السمنة المفرطة. 11- الأجواء الحارة التي تعوق تحمل الضمادات لفترات طويلة.
وتتعلق النقطة الأخيرة بضرورة وضع الضمادات الضاغطة على الأطراف السفلية مباشرة بعد الزرق، والطلب من المريض المشي فوراً لمسافة 1500 متر، وبعدها لمسافة 5000 متر يومياً، وتجنب الوقوف لفترات طويلة، والتحسب من استرخاء الضمادات، ويستمر هذا كله لمدة اسبوع تغير بعده الضمادات لفترة تتراوح بين خمسة إلى ستة أسابيع.
وتتلخص مضاعفات طريقة الزرق بما يلي:
1- ظهور كتلة متخثرة، نتيجة لعدم تفريغ الوريد قبل زرقة، أو لعدم كفاءة طريقة وضع الضمادات، ويجب استخراج محتويات هذه الكتلة وإلا حل محلها تلون جلدي.
2- تقرح الجلد نتيجة عدم الزرق داخل الوريد.
3- ظهور حساسية كرد فعل موضعي أو عام.
4- تخثر أوردة الساق العميقة نتيجة عدم الالتزام بتفاصيل طريقة الزرق.
5- زرق الشريان بدلاً من الوريد مما قد يؤدي إلى ظهور الغرغرينة.
ويظهر من هذا كله أهمية المعرفة التامة بدواعي استعمال طريقة زرق الدوالي بمادة مخثرة وضرورة التمكن من تطبيق هذه الطريقة بكفاءة عالية لكي تحتل مكانتها المرموقة بين طرائق علاج دوالي الأطراف ويكتب هذا كله بعداً خاصا في عالم تقدمت علومه واتسعت تقنياته، فبات باحثا عن الأسهل والأسرع من أجل الإفادة الأكبر، ويبقى مع كل هذا وذاك دور فاعل لتقنيات تبدو بسيطة لأنها تحاكي معضلات لايستهان بحجمها بكفاءة واقتدار عاليين.
( * ) استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي |