بداية أود إحاطة القارئ الكريم بعد أن قرأ عنوان هذا المقال، الا يعتقد أن موضوع مقال هذا الأسبوع سوف يكون حول المناهج الدراسية، من ناحية ما يثار حولها من نقد او مطالبة بتعديل او تغيير الكل أو البعض منها، جراء ما يحدث من مطالبات ومناقشات حول مناهجنا عريقة التاريخ، والتي ضمن ما قال عنها اخيراً سمو وزير الداخلية، من أن عمرها التاريخي يصل إلى خمسين عاماً، ولهذا فإنني لست بصدد مشاركة الآخرين هنا حول هذا الأمر، سواء بالنقد او المناقشة او بأية وسيلة كانت عن ماهية المناهج مضموناً او شكلاً، لأنني أؤمن أن هناك لجان عليا واخرى تحضيرية، قد شُكلت ولاتزال تسعى جاهدة لتطوير علومنا ومعارفنا بما لا يتعارض مع عقيدتنا وثوابتنا، وهذا توجه أدرك انه قد بدء العمل فيه منذ سنوات، وليس بعدما اصبحنا نسمع مايقال عن مناهجنا سواء بالنقد أو تقديم المقترح حيالها، وبعد هذا الإيضاح للقارئ الكريم، أقول : إنني بعد اطلاعي على تقرير نتائج الامتحان لإحدى بناتي التي تدرس في الصف الرابع الابتدائي، للفصل الدراسي الأول لهذا العام 1424- 1425هـ، دهاني ذلك الكم الهائل من المواد الدراسية المطبقة على هذه المرحلة الدراسية، فمن ناحية العدد الكمي فهي تصل إلى سبع عشرة مادة، ومن ناحية أخرى حول تنوعها المتعدد المتشابه منهجياً في بعض منه، والذي من المفترض أن يدمج ذلك البعض في مادة واحدة، ومن خلال عقود ليست بالبعيدة، لم تكن المدارس تدرس مثل هذا الكم الهائل،الذي أثقل كاهل الطلاب والطالبات، سواء في حملها وهم ذاهبون للمدرسة، او عند تلقيهم اياها كدروس تعليمية مما أرهق معه فكرهم وهم في فئة عمرية محدودة الفكر والعطاء، ومعروف أن هذه المرحلة الطلابية، هي مرحلة ينشد لها العطاء التربوي بالدرجة الاولى، ويأتي بعدها مرحلة التعليم، فالطلاب في هذه السن هم في أشد الحاجة الى تلقي علوم تربوية أكثر منها تعليمية، بخلاف ذلك العدد الهائل من المواد المطبقة عليهم (17 مادة)، فالطالب والطالبة اصبح همهما الأكبر، كيف ينال ولو ادنى درجة من النجاح، لئلا يقال عنه انه اخفق أو فشل في دراسته ( راسب)، وبهذا سوف يكون العائد في تلقيه التربوي والتعليمي ضئيلاً جداً، والسؤال المطروح لوزارة التربية والتعليم, وخصوصاً حينما عدِّل مسماها إلى «وزارة التربية والتعليم» ، مقدم لها مجال التربية عن التعليم, هل يا تُرى استشعرت هذا الامر المهم الكبير، وسعت جاهدة الى ايجاد حلول سريعة لتخفيف هذا العبء عن طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، ام انها اعتبرت تلك خطوة جريئة ونافعة لاكتساب الطالب علوم معرفية عديدة، وذلك على حساب نفسيته وانخفاض مستوى تربيته وتعليمه، التي كنا نأمل أن تكون علوما تربوية خالصة، تحلق به إلى آفاق اوسع وأرحب في هذه الحياة الدنيا التي تنمو فيها الأفكار نمواً متسارعاً؟
أجزم اننا في مرحلة أحوج إلى اكتساب ابنائنا وبناتنا علوما تربوية اكثر منها تعليمية، وخصوصاً في مرحلة الدراسة الابتدائية، ولهذا يجب أن تُختصر بعض هذه المناهج من خلال ضم بعضها مع بعض مثل ضم مواد ( التعبير - الإملاء - الخط) في مادة واحدة ينقسم كتابها إلى ثلاثة فروع، وضم مادتي المحفوظات والمطالعة في كتاب واحد، مع السعي إلى اختصارالموضوعات الواردة بها بمالا يؤثر على حصيلة الطالب المعرفية، وهذا تقديم مقترح كمثال ليس إلا، ولا يعني رأياً خالصاً، لأترك مثل ذلك الامر لاصحاب الاختصاص، لثقتي بما تزخر به وزارة التربية والتعليم من اساتذة تربويين وتعليميين، قادرين على مراجعة ذلك والخروج بما ينفع ويحقق مصلحة هذه البلاد الواعدة وابنائها الاوفياء، فهلا سمعنا او رأينا تحركاً جاداً من وزارة ابنائنا وبناتنا فلذات اكبادنا.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|