توقع الفلاسفة والمثقفون، ولاسيما المنظِّرون قبل عقود عديدة أن المجتمع الأمريكي يعد العدة لغزو العالم من خلال عدة خيارات، فلو عدت إلى هذه التصورات ستجد أنها كانت ناقوساً مدوِّياً ومنبهاً، لكننا - العرب- لم نأبه بتلك التنبيهات والتحذيرات، إذ ظللنا نسير خلف عواطفنا بشكل أعمى، فلم نحسن حتى الحدس.
لننظر إلى ما قاله شاعر ومفكر عربي أسر العالم بإبداعه هو الشاعر المهجري ميخائيل نعيمة حينما توقَّع في مقالة له نُشرت عام 1949م (أن الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة بصناعة الحرب، وإدارة الاقتصاد، لكنها حتى الآن لم تتزعم أي حركة ذات بال في الفن والثقافة والأدب).
فما دام هؤلاء وقبل أكثر من نصف قرن يستشعرون طموحاتها البعيدة كل البعد عن كل ما هو إنساني، بل وجدناها تفرِّخ أدباء وشعراء يشيعون ثقافة الاستهلاك ليس إلا، فمن الوارد تماماً أنه لم يعد - الآن- في السيف منزع فإقراء السلام على من يناصبها العداء.ما حيَّر شاعرنا المهجري (نعيمة) قبل نصف قرن هو ما أدهشنا اليوم، حينما استيقظنا على طبول حربها المدوِّية.. تلك التي تقرعها دون أن تأبه بمن حولها من حلفاء، فقد تساوى لديها محورا الشر والخير، فلا يعنيها من يقف في هذا أو ذاك، بل إنها ظلت تصر وبجرأة مؤذية ألا يقف أي أحد على الحياد الذي قد يوشى بوسطية رمادية.
|