تقوم دارة الملك عبدالعزيز ومثلها مكتبة الملك فهد الوطنية بدور كبير جداً في حفظ وتصنيف الوثائق المحلية التي يحتفظ بها الخلف عن السلف في كل بلدة وقرية في وطننا الغالي، وهذه الوثائق مهما يذكر البعض من تهميش لدورها ولكونها تتحدث عن قضايا خاصة (مثل المبايعات)، فإن المتأمل فيها يجد أن هذا الحديث مجانب للصواب، فهذه الوثائق، لو قدر لها أن تصنف موضوعياً وتاريخيا على نظام الحوليات، لكان لها دور كبير في قراءة تاريخنا المحلي بشكل جديد، وبخاصة ان الوثيقة مهما كانت مغرقة في المحلية والشخصية فإنها تحمل دلالات مهمة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للناس في تلك الفترات.
ألسنا نحفل كثيراً بوثائق تأتينا من الأرشيف البريطاني، أو الأرشيف العثماني ونتفنن في دراستها؟! وحينما تكون الوثيقة محلية المنشأ والكتابة، نجد أن بعض الباحثين لا ينظرون لها تلك النظرة التي تستحقها، وبحسبي أن أشير إلى بعض التجارب الناجحة في التنبيش بين الوثائق واستخراج مكنوناتها التي أثمرت الكثير، وذلك من خلال ما قام به الباحث الأستاذ فائز بن موسى الحربي في كتابه النفيس (بعض الأعيان وأعلام القبائل في وثائق المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة خلال العهد العثماني في الفترة ما بين (960هـ إلى 1300هـ)، وكذا ما قام به الباحث الأستاذ عبدالله بن بسام البسيمي في كتابه المتميز العلماء والكتاب في أشيقر فإن دراسة الحربي ودراسة البسيمي مثال للإبداع في استنطاق الوثائق، واستخراج معلومات متعددة تخدم كل مهتم في جوانب نفسية في تاريخنا المحلي، مما يجعل الدور على الباحثين في تاريخنا المحلي ليس يسيرا وهو مهم ومشرف، ويخدم الوطن وعلم التاريخ في هذا البلد، ولعل من مثلت بهما لهما الكثير من الزملاء والمشابهين، ما لا يسعف المقال لذكرهم، ومنهم على سبيل المثال الشيخ عبدالرحمن أبا حسين، والشيخ منصور الرشيد، والأستاذ محمد الفيصل والأستاذ راشد العساكر، والأستاذ قاسم الرويس، والأستاذ عبدالعزيز الفرهود، والأستاذ عبدالله الذرمان وغيرهم كثير، وهم يحظون بعناية من الجهات التاريخية في بلادنا ويطلبون المزيد.
هل من الممكن أن نجد كل بلدة تنشر موروثها الوثائقي سواء كان بطريقة التحقيق والدراسة، أو على أقل تقدير تصور هذه الوثائق تصويراً مجرداً ويكتفي بوضع الفهارس الدقيقة لها على الطريقة التي تقوم بها بعض المراكز البحثية والاستشراقية.
|