Sunday 15th February,200411462العددالأحد 24 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
من أين يبدأ...؟
أميمة الخميس

أعتقد أن فكرة الحوار الوطني ستبقى فكرة نبيلة وسامية ومحلقة في ملكوت المثال المنقطع عن واقعه، وحتى نصل إلى مرحلة نستطيع من خلالها تكوين اتجاهات إيجابية بين أفراد المجتمع بعضهم البعض، إضافة إلى بلورة علاقة جيدة ومهذبة وأستطيع أن أقول أيضاً محترمة للأماكن العامة، وأعني تحديداً بالأماكن العامة كل ما يتجاوز عتبة بوابات بيتنا الخارجية، ابتداء من آداب الطريق وآداب الحدائق والأماكن البرية والمطاعم والمتنزهات وجميع ما يتشارك فيه البشر على المستوى المحلي فيتم التعامل معه بطريقة شرسة ومتوحشة.
ليس هناك حوار وطني في ظل غياب العلاقة الإيجابية للأماكن العامة لأن العام هو الآخر الذي يتجاوز الأنا.
من ناحية احترام الصفوف وعدم التدافع، احترام الممتلكات العامة وعدم تدميرها لأنها ملك للجميع، احترام أحقية الجميع بالتمتع والمشاركة دون التعرض للمضايقات بالصوت المرتفع أو النظرات الفضولية أو التزاحم الذي يشبه اندفاع قطعان الماشية تجاه (العلف).
ذهبت في عطلة الحج الماضية برفقة أطفالي إلى حديقة الحيوان فوجئنا عند البوابة ببعض المسؤولين عنها الذين ينظمون دخول النساء عبر الصياح والزجر والتوبيخ مثل (التزمي بالصف يا هيه.. واعتقد بأنه قال يا هيش../ وهو لفظ يطلق على المرأة والبقرة سويا في أزمان ليست بالبعيدة/)، وهنا لا ألومهم فوضعية المتدافعات مع سلال وحافظات الطعام عند المدخل كانت تستجلب للذاكرة هذا اللقب.
في أحد صفوف الأسواق الكبرى طرأ على أحد الواقفين في الصف المجاور، أن ينتقل من صفه إلى الصف المجاور لسرعة الوصول إلى المحاسبة، فرفضت ذلك ودفعت بسلة احتياجاتي وأصررت على مكاني فاستنكر هو هذه المرأة الجريئة أو (الهيش) الجريئة التي تنافح عن حقها مما جعله يبدي السخط والتأفف وينظر إلى ساعته كأنني سبب التأخير، ومن ثم ما لبثنا أن عاجلتنا وسائل الإعلام بأخبار التدافع والازدحام عند مرمى الجمرات في الحج، في مكان يفترض به الخشوع والسكينة والطمأنينة.
وتذكرت أنه من أصول اللياقة في بعض الدول المتقدمة ان تحديد مقدار المسافة بينك وبين الآخر في الأماكن العامة أو المحادثات الرسمية بحيث تكون أمتار معدودة لا تسبب المضايقة والتدافع وأيضاً ليست بالبعيدة فتسبب الأصوات المرتفعة غير المهذبة.
وتذكرت أحلامنا بالحوار الوطني وطموحاتنا الطوباوية وانقبض قلبي بالوحشة والضيق، فزيارة واحدة إلى أي من الأماكن العامة من شأنها أن تذرو هذه الأحلام وتسلمها لمهب الرياح.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved