* السماوة - (اف ب):
يرقد الصغير نواف مشعل الذي لا يزيد عمره عن العامين وهو يرتجف تحت كومة من الاغطية القذرة في مستشفى السماوة (جنوب) بعد ان احاله سوء التغذية الشديد الى هيكل عظمي تظهر منه عينان جاحظتان تعبران عن كل مظاهر الحزن الدفين..
فالطفل الذي تبدو ساقاه كالقلم من فرط الهزال يتقيأ كل ما يدخل جوفه ولم يفلح العلاج بالمضادات الحيوية ونقل الدم في مستشفى الاطفال في السماوة، على بعد 260 كلم جنوب بغداد بتحسين حالته.
وقد اصيب نواف الذي يعمل والده في الرعي بالمرض بعد ان شرب من مياه بلدته الملوثة بمياه الصرف الصحي والتي لم تقم اسرته بغليها قبل تناولها.
وفي قسم الاطفال في المستشفي حيث تزكم روائح العرق المختلطة بروائح الفضلات الانوف تجلس الامهات بعباءاتهن السوداء على الارض او على الاسرة حاملات بين اذرعهن اطفالهن الذين يشاهدونهن وهم يموتون ببطء دون ان يستطعن لهم شيئا.
ولا توجد في المستشفى سوى 11 حضانة لاكثر من 20 مولودا مبتسرا معظمها يرجع الى الثمانينات اي قبل فرض العقوبات الدولية المتتالية على العراق اثر غزوه الكويت سنة 1990.
وكذلك فان جهاز الاوكسيجين توقف عن العمل منذ ايام طويلة ولم يعد لدى الاطباء سوى اقل من نصف الادوية والمعدات اللازمة. وما يزيد الطين بلة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وكثرة انسداد مواسير الصرف الصحي.
وبمرارة تقول سماح زاهر وهي طبيبة شابة في الخامسة والعشرين: (لا يوجد لدينا شىء ومعظم الاطفال يموتون وخاصة في الشتاء).
ولا يوجد في المدينة اي جهاز للاشعة المقطعية (سكانر). ورغم ان الاطباء يعتقدون ان الطفل عبد الله صلاح البالغ من العمر ثلاث سنوات ويعاني من نوبات تشنج منذ ثلاثة ايام مصاب بالحمى الشوكية الا ان طبيب الاطفال اياد ميران يرى انه لن يتحمل مشقة السفر الطويل الى بغداد لاجراء تشخيص اكثر دقة بالاشعة المقطعية وانه قد يموت خلالها. ويقول ميران الذي يعمل لاكثر من عشر ساعات يوميا طوال ايام الاسبوع السبعة مقابل 150 دولارا في الشهر: (اشعر بالحزن الشديد لحالة هؤلاء الاطفال).
ولا يستطيع المستشفى معالجة حالات التشوه الحادة للاطفال الذين ولدوا بعد حرب الخليج 1991 والتي تقول بغداد ان القوات الاميركية البريطانية استخدمت فيها ذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب.
|