طغت مسألة إجراء انتخابات في العراق لاختيار جمعية وطنية أو برلمان لوضع دستور للبلاد واختيار حكومة وطنية على سواها من المسائل الأخرى، ودخلت الأمم المتحدة في دائرة الجهود الساعية لتلمس امكانية إجراء مثل هذه الانتخابات التي ستحدد مصير ومستقبل العراق وتعجل بانهاء احتلال القوات الأجنبية لأراضيه، فالمعروف أن موضوع الانتخابات لا يحظى بموافقة جميع الأطراف العراقية.., ليس لرفض الانتخابات كمبدأ لاختيار الشخصيات التي ستصنع الدستور وتشكل السلطة التنفيذية وتسلم الحكم, بل كون الوقت والظروف غير ملائمين لإجراء انتخابات يترتب عليها استحقاقات مصيرية والبلاد تحت حكم قوات محتلة يتخوف العديد من العراقيين ان يؤثر وجودها على نتائج الانتخابات, كما أن هناك العديد من التحفظات على آليات العملية الانتخابية والمشاركين في العملية الانتخابية.
ففي الوقت الذي يطالب أبناء الجنوب -وجلهم من ابناء الطائفة الشيعية يقودهم في ذلك مرجعهم علي سيستاني- بوجوب اجراء انتخابات, فإن أبناء الوسط وخاصة في شمال بغداد وغربها ومحافظات الشمال والجزيرة وأغلبهم من أبناء أهل السنة فإنهم يرون ضرورة تأجيل الانتخابات حتى تخرج القوات المحتلة من البلاد ويجري احصاء دقيق للعراقيين الذين يحق لهم الاشتراك في الانتخابات.
أمام هذين الموقفين حاول السفير الأخضر الإبراهيمي رئيس وفد الأمم المتحدة الذي يقود الفريق الأممي في العراق التوفيق بين الآراء المتناقضة فهو يقر بمبدأ اجراء الانتخابات كوسيلة وحيدة لايصال الحكم للعراقيين, إلا أنه يسلم -وان لم يصرح بذلك- بعدم إمكانية اجراء انتخابات سليمة في ظل انعدام الأمن وعدم ضمان آليات دقيقة ومضمونة لإجراء العملية الانتخابية بصورة صحيحة، خاصة في ضوء اختلاف الطرفين الأساسيين على من يحق لهم الاشتراك في الانتخابات، خاصة بعد عودة العديد من المهجرين الذين تدفقوا إلى العراق مع دخول قوات الاحتلال, وهؤلاء يعتبرهم أهل الجنوب من العراقيين الذين ابعدهم النظام السابق في حين يعتبرهم أهل الوسط والشمال من الإيرانيين الذين أدخلوا للبلاد لتغيير التركيبة الديمغرافية للعراق.
هذه واحدة من الاشكاليات التي واجهها الابراهيمي وسيواجهها الوسطاء الآخرون وهي حتماً ستكون من بين الأشياء التي ستكون مطروحة أمام وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق الذين سيلتقون الإبراهيمي اليوم في الكويت، وقطعاً سيطلعهم على ماشاهده في العراق وتصوراته وخاصة في مسألة الانتخابات.
|