** تشكلت لدي مطالب نسائية تمثل أجندة المرأة الكادحة المكافحة التي تركض على أيتام أو على آباء عاجزين..
أو على نفسها المنفردة التي ليس لها بعد الله من راع إلا وطنها..
** وهذه القضايا لا تدخل ضمن (المسكوت عنه) والتي يحاول البعض أن يوهم الناس أنه يتحدث عما لم يكن أحد يتحدث عنه..
فمطالب المرأة وسعيها لإصلاح حالها لا يختلف عن سعي الرجل لإصلاح حاله في العمل في التعليم في الخدمات وغيرها من شؤون الحياة..
** قبل ما يزيد عن خمسة عشر عاماً قمت بإعداد تحقيق صحفي كان يحمل محوراً طرحته على شريحة متنوعة من النساء يدور حول (ماذا تريدين من الرجل)..؟
ولم تنشره جريدة الجزيرة.. وأذكر انني غضبت لعدم نشره وكتبت مقالاً ساخناً في عزيزتي الجزيرة عن اضطهاد الصحفيين للمرأة الصحفية وانهم ينشرون ما يتوافق مع رؤاهم فقط فهم في الوقت الذي يرفضون نشر تحقيقي الصحفي لكون أغلب النساء قلن انهن يعانين من إهمال وجحود الرجل لهن في مسيرتهن الزوجية..
فإن الأستاذ ناصر بن جريد - صبحه الله بالخير والرضا - كان ينشر أقوالاً لاذعة ضد المرأة.. وغضب مني رجال الجزيرة وأولهم أستاذنا الكبير ناصر بن جريد الذي قال للقراء: إن (فاطمة العتيبي) رجل يختفي وراء اسم امرأة.. فأثار حولي زوبعة كبيرة.. وكنت بعد (غشيمة) في اللعبة الصحفية وجنوحها للإثارة وكسب مزيد من القراء.. فربحت ولم أخسر.. ولو كنت أعلم ما في الغيب لاستكثرت من الخير.
** طوال هذه السنوات لم تسكن المرأة عن السعي الجاد لتحسين حالها مثلما هو مسعى الرجل لتحسين حاله.. ولكنها دون تجن ومبالغة ورمي المجتمع كله بالويل والثبور.. عملية الإصلاح عملية إنسانية طبيعية.. لم يعتقد البعض اننا لم نبدأ بالبحث عنه إلى الآن.
** قالت لي زميلة قبل عام.. هل أصدرت بطاقة شخصية.. قلت لا.. حتى الآن لم تبد لي الحاجة فيها..
قالت: ألست تبحثين دائماً عن وضع أفضل للمرأة ثم ضحكت بخبث (وفق مقتضيات الشريعة) بالتأكيد..
قلت هذه نعم أنا أبحث عن الأفضل وتحديداً عبر بوابة الشريعة..
قالت: قد سارعت لإصدار البطاقة لأنها أشعرتني بكوني فردا مستقلا ومواطنا يحمل رقماً مستقلاً.. ووضعتها في محفظة اشتريتها خصيصاً لها من متجر (ساكس فيغث) ودفعت من أجلها ألفاً وثمانمائة ريال.. أرأيت كيف احتفيت بها..
قلت: تستاهل وتستاهلين.
** كنت أنظر إلى ما هو أبعد..
كنت استقرئ وجوه الكادحات.. لم لا يمنحن قرضاً من البنك يبنين به بيتاً أو عقاراً يجنين من ورائه ما يسد رمق الخوف الذي يبتلع بقايا شبابهن.. ولم لا تعط المرأة قروضاً فالعمل التجاري ليس وقفاً على الرجال.
** كنت أنظر الى هذه الوجوه التي تجيء صياماً مغرورقة بالخوف من غضب المديرة.. والفارة من جشع سيارات الأجرة وسوء أدبهم واستغلالهم للنساء العاملات الباحثات عن مواصلات فلا يجدن إلا هذه الطريق المريرة يومياً الذي لم يتبن احد ايجاد بديل مناسب له..
** أنظر الى هذه الأم التي رماها زوجها وأطفالها في بيت أهلها..
ورفض اعطائهم النفقة.. وحين تشتكي.. يقول لها (اجدعيهم في بيتي لن أعجز عن إطعامهم) وأنتِ لك أهل يتولونك! وحين تطرق باب المحاكم مرة فمن سيأتي بها للمرة الثانية والعشرين..!
** انظر الى أم الأيتام التي أوقف ورثها ثلاثة أعوام لأن الورثة لم يجتمعوا عند الشيخ ويقسموا.. وتظل هي بلا دخل إلا ما يتصدق به أهل الإحسان.. وترفع القضية خلف القضية وتبذل من مالها بالسلف والدين، وحين تصل الأوراق لشيخ المحكمة يطلب حضور الورثة الذين لا يحضرون لأنهم يعيشون في الورث ويستمتعون به ويستفيدون منه فكيف يحضرون لتقسيمه على زوجة ثانية واخوة ليسوا بأشقاء..
** أنظر.. إلى المواريث..
وصمت النساء خوف أن يجترحن العلاقة الحسنة بينهن وبين أشقائهن فيفضلن خسارة المال على خسارة الاخوان..
** أجندة طويلة حلها ليس في قانون منع التمييز ضد المرأة..
وحلها ليس في نظرة المجتمع.. حلها يكمن في الأداء الحكومي للقضايا وتعامله السريع مع المرأة والنظر في كونها إنسانا يستحق أن تسن له الآليات المناسبة ليعيش ويشارك ويعطي وهو مبق على دوره الأساسي الذي في حفظ وصون للعفة والكرامة للأسرة والفرد..
الأجندة طويلة ولعلني استكمل بعضها فيما بعد.. وإلا فإنني أدرك أن المرأة المعنية بالإصلاح هي هذه المرأة التي تحل كثيرا من قضاياها عبر بوابة المحاكم الشرعية والقوانين المدنية المستمدة من ثوابت الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان
|