* بغداد - رويترز:
يعلم الجيش الأمريكي أن 537 من جنوده قتلوا في الحرب على العراق ويمكنه تحديد أسمائهم وظروف مقتلهم. لكن فيما يتعلق بالقتلى العراقيين المدنيين فإنه لا يعرف حتى إن كانوا بالمئات أم بالألوف.
وتقدر مراكز دراسات مستقلة أن نحو عشرة آلاف مدني عراقي قد يكونون ماتوا كنتيجة مباشرة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق سواء أثناء الحرب أو في هجمات تستهدف الاحتلال.
وتقول السلطات الأمريكية في العراق إنها ليس لديها إحصاء رسمي. وقال البريجادير جنرال مارك كيميت (لا نحصي. ليس لدينا القدرة على إحصاء جميع القتلى من المدنيين).
وتابع أن هناك بعض البيانات المتاحة لكن لا يعتد بها. ومن المستحيل فعلا إحصاء جميع القتلى؛ فالتفرقة بين المدنيين والمقاتلين تكون صعبة في بعض الأحيان، كما أن الجثث تدفن قبل عدها. لكن المحللين يقولون إن من مصلحة واشنطن كذلك التكتم على أعدادهم.
وقال كارل كونيتا من مشروع بدائل الدفاع الذي يعد تقريرا عن إدارة واشنطن للأخبار من العراق (في التحليل النهائي ما يحدد ما تقوم به هذه الإدارة هو كيفية استجابة الرأي العام الأمريكي له).
وأضاف (لن تجد تأييدا إذا قلت سنذهب - إلى العراق - وأن 15 ألفا من السكان سيقتلون.. الأمريكيون يحتاجون لتصديق أن هذا أمر يمكن القيام به. لا يريدون سماع أن ذلك سيؤدي إلى بدء موجة من أعمال العنف. لا يريدون سماع ذلك عمليا ولا يريدون سماع ذلك أخلاقيا).
وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان: إن من المهم أن يكون هناك تقدير على الأقل لعدد القتلى المدنيين.
ويقولون: إن الأحداث المنفردة - مثل مقتل 53 في الإسكندرية يوم الثلاثاء و47 في بغداد يوم الأربعاء - التي تشي بنطاق الحرب يمكن نسيانها بسرعة.
وتقول جماعة بودي كاونت (إحصاء الجثث) في العراق التي تستند في تقييمها إلى تقارير إعلامية: إن نحو 10089 مدنيا عراقيا قتلوا بسبب الحرب.
ويقر جون سلوبودا المشارك في تأسيس الجماعة بأن الإحصاء غير دقيق لكنه يقول انه حتى التقدير قد يكون مهما.
وتابع الزعماء السياسيون يقولون: إن الذهاب للعراق كان يستحق القيام به.. لكن إذا كنت لا تعرف الثمن كيف يمكن القول انه كان يستحق القيام به. قصص النساء والأطفال هي التي تثير المواطنين العاديين في الغرب ضد الحرب.
ويقول المحللون إن إثارة المواطنين العاديين ضد الحرب هو بالتحديد ما لا تريده واشنطن خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل. ولقتل المدنيين عواقب في العراق؛ فهو يثير المقاومة مع تصاعد الشعور بالإحباط تجاه الاحتلال. لكن الإبقاء على البيانات غامضة أمام المراقبين في الداخل والخارج هو ممارسة هدفها الحد من الأضرار.
وقال كونيتا (تحتاج للحفاظ على شرعية العملية وشرعية السلطة الأمريكية.. الحفاظ على وهم أن بإمكاننا خوض حروب مثل هذه دون إحداث مشاكل تذكر ولا يكون لها رد فعل عكسي).
وعندما يتعلق الأمر بالمدنيين الذين قتلوا في هجمات كبرى بقنابل، وهو ما يدعم فكرة أن العراق هو الجبهة الجديدة لحرب واشنطن على الإرهاب، تبدو الولايات المتحدة صريحة نسبيا. لكن من النادر الحصول على معلومات عن هجمات صغيرة أو عن المدنيين الذين قتلهم الجنود الأمريكيون بطريق الخطأ.
ويقول كيميت وغيره من المسؤولين الأمريكيين: إن من المستحيل إحصاء هذه الوفيات.
ويقولون: إن المسلمين يدفنون قتلاهم بسرعة والقوات لا يمكنها التواجد في كل مكان.
وتقول جماعات حقوق الإنسان: إن عدم نشر الأعداد يضيف إلى الانطباع الخاطئ لدى المراقبين من الخارج عن الحرب.
وقالت باولا جاسبارولي من جماعة أوكيوبيشن واتش - مراقبة الاحتلال - التي تراقب أساليب القوات في العراق (في الوقت الراهن يبدو كأن الهجمات تقع على الأمريكيين فقط والأمريكيون هم الذين يموتون أو أن عراقيين يموتون في هجمات إرهابية شديدة).
وأضافت (ليس هناك أي فكرة عن أن هناك مدنيين أبرياء يقتلون بسبب الاحتلال. والإقرار بذلك سيكون إقرارا بأن الحرب لم تنته فعلا).
|