في مساء مثل هذا اليوم من عام 1945 شنَّت قوات الحلفاء سلسلة من الغارات الجوية على مدينة دريسدين الألمانية مما تسبب في مقتل حوالي 135 ألف شخص، لتشهد دريسدين أعنف غارات الحرب العالمية الثانية وأكثرها ترويعاً وبشاعة بعد غارتي هيروشيما وناجازاكي.
جاءت هذه الغارة كنتيجة من أهم نتائج مؤتمر يالتا الذي عقدته قوات الحلفاء عام 1945، حيث اتخذت قراراً بالقيام بغارات جوية استراتيجية على بعض المدن الألمانية المعروفة بأنها مخصصة للانتاج والإمدادات الحربية على أمل تعطيل ماكينة الحرب النازية.
ولكن المضحك والمحزن في نفس الوقت أن أكثر المدن المتضررة من هذا القرار وهي دريسدين لم تكن مشهورة سوى بكنوزها الفنية والمعمارية ولم تكن لها أي صلة فعلية بالحرب.
ولكن الحلفاء برروا قصفهم لدريسدين بأنه كان ضرورة لقطع الاتصال بين القيادة النازية وجيشها بالاتحاد السوفييتي، حيث ادعوا أن دريسدين كانت مركزاً لهذه الاتصالات. إلا أن حجم الدمار وكثافة القصف الذي وصل إلى 3.400 طن من المتفجرات ألقتها 800 من الطائرات الأمريكية والبريطانية، إلى جانب عدم تحقيق أية أهداف استراتيجية من تدمير هذه المدينة. كل ذلك جعل الأمر برمته يبدو كعملية انتقامية
لمعاقبة الألمان وإضعاف معنوياتهم.
وقد استمرت غارات القصف المكثف على دريسدين لمدة يومين تاركة المدينة تحترق بعدها لعدة أيام. وكانت الجثث المتفحمة تملأ أرجاءها وشوارعها، حيث تراوح عدد القتلى ما بين 35 و135 ألفاً نظراً لازدحام المدينة بآلاف النازحين من المدن الشرقية بالبلاد.
ولم تكن المستشفيات التي أغفلتها غارات الحلفاء قادرة على استيعاب الكم الهائل من الاصابات. أما حالات الوفيات فقد كان مصيرها إلى المقابر الجماعية التي لم يوجد بديل عنها آنذاك.
كان من بين الناجين من مذبحة دريسدين، الروائي الأمريكي الشهير كيرت فونيجات الذي كتب عن تجربته هذه في كلاسيكيته المناهضة للحرب (سلوفترهاوس
فايف) أو(المجزر رقم 5).
|