شاع في الآونة الأخيرة عند طائفة غير قليلة أنه عند اقتراب نهاية العام الهجري يدعون ويرغبون أنفسهم وغيرهم عن طريق الكلمات الوعظية ورسائل الهاتف الجوال إلى ختم السنة بالأعمال الصالحة كالصيام والصدقة مستدلين بما خرجه الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأعمال بالخواتيم). وظاهر هذا الفعل الحسن، لكن الواقع خلافه وأنه لا يزيد من الله إلا بعداً، وصدق عبدالله بن مسعود لما قال: (وكم من مريد للخير لم يصبه) رواه الدارمي. لذا أنكره علماؤنا كشيخنا صالح الفوزان - حفظه الله -، ووجه كون هذا الفعل منكرا ما يلي:
1- إنه إحداث في الدين إذْ لو كان خيرا لتسابق الصحابة الأبرار والتابعون الأخيار إلى فعله والحث عليه، فلما لم يفعلوا دل على أنه ليس خيرا، إذْ لو كان خيرا لكانوا به أعلم، وعلى فعله أحرص وأقدر، والخير كل الخير في اتباع من سلف، وقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كثير التحذير من المحدثات والبدع، فقد ثبت عند الترمذي عن العرباض بن سارية أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة) وكان يقول كل جمعة عل المنبر (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) أخرجه مسلم عن جابر - رضي الله عنه -، ولو لم يكن في هذا الفعل إلا أنه من البدع المحدثات لكفى في إنكاره والتحذير منه.
2- إن التقدير السنوي لا يكون بنهاية العام الهجري، وإنما في ليلة القدر كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، ومما لا يخفى أن الواضع لهذا التاريخ الهجري هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. فزعم أن في نهايته تطوى صحيفة العام فلأجله ختم بصيام وصدقة، زعم متوهما لأنه مبني على توهم باطل، وما يبنى على باطل فهو باطل.
وإن هذه البدع وأمثالها إنما تدخل على الأمة الإسلامية في حال استقلال أبناء هذه الأمة عن علمائهم وسيرهم وراء استحساناتهم العقلية والعواطفية، لذا كان الواجب علينا جميعا ألا نعجل في استحسان أمر إلا بعد عرضه على علمائنا الراسخين.
|