الوضوء كلمة أصلها من وَضَأَ تدل على الحُسن والنظافة يقال : وَضُؤَ الرجل يَوْضَؤُ وهو وَضِيءٌ , وتقول واضَأَه فَوَضَأَه يضؤُه أي فاخره بالمواضَأَة فغلبه , قال عمر -رضي الله عنه- لحفصة : لا يغرك إن كانت جارتك هي أوضَأَ منك أي أحسن وأجمل.
والوُضُوء فعلك إذا توضأت من الوضاءة وهي الحُسن والنظافة , كأنَّ الغاسل وجهه وضأه أي حسنه.
والفرق بين الوُضوء ( بالضم ) والوَضوء (بالفتح ) , أن الأول يدل علي الفعل كما تقدم , أما الثاني بالفتح فهو الماء الذي يتوضأ به , وفي الصحيحين عن حمران مولي عثمان بن عفان أن عثمان- رضي الله عنه
دعا بوَضوء أي: ماء يتوضأ به وسوف يأتي تمام الحديث إن شاء الله تعالي. وهذا الفرق بين الوَضوء والوُضوء كالفرق بين السَّحور والسُّحور وبين الفَطور والفُطور
فالأول منهما يدل علي ما يؤكل والثاني علي الفعل.
وتقول تَوضَّأْت وُضُوءًا حسناً وقد تَوضَّأ بالماء , ووضَّأ غيره , ومنه المَيْضَأَة : وهي الموضع يتوضأ منه أو فيه.
والوضوء شرط لصحة الصلاة لقول الرسول - صلي الله عليه وسلم- في الصحيحين : ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ). وقال النبي -صلي الله عليه وسلم- في فضله : ( إن أمتي يُدعون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء ) وفي صحيح مسلم
أن النبي - صلي الله عليه وسلم- سأل يوما أصحابه فقال : ( ألا أدلكم علي ما يمحو الله به الخطايا ,ويرفع به الدرجات ؟ ) قالوا : بلي يا رسول الله , قال ( إسباغ الوضوء علي المكاره , وكثرة الخطا إلى المساجد , وانتظار الصلاة بعد الصلاة. . . الحديث).
والوضوء عند الفقهاء : طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين. له سبعة فروض لا يصح إلا بها هي :
أولا : النية وهي شرط لصحة سائر العبادات
ثانيا : غسل الوجه وجعل بعض العلماء منه المضمضة والاستنشاق.
ثالثا : غسل اليدين ومنهما المرفقان.
رابعا : مسح الرأس ومنه الأذنان.
خامسا : غسل الرجلين.
سادسا : الترتيب على ما تقدم.
سابعا : الموالاة ومعناها ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله.
وصفته هي المذكورة في حديث عثمان- رضي الله عنه- المتفق عليه ,أنه دعا بوَضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوَضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل كلتا رجليه ثلاثا ثم قال: رأيت النبي -صلي الله عليه وسلم -توضأ نحو وُضوئي هذا وقال : ( من توضأ نحو وُضوئي هذا وصلى ركعتين لا يُحدث فيهما نفسه غُفر له ما تقدم من ذنبه).
وسننه : السواك قبله , والتسمية في أوله , والابتداء بغسل الكفين ثلاثا , وتخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يبلغ داخلها , وتثليث الغسلات , والتيامن وهو البدء باليمني من اليدين والرجلين قبل اليسرى , والاقتصاد في الماء , وعدم الإسراف. وأن تقول بعده : ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) , قال النبي - صلي الله عليه وسلم- : ( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء - أي يحسنه - ثم يقول : أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) رواه مسلم.
ونواقض الوضوء هي :
أولا : الخارج من السبيلين (القُبُل والدُبُر) , ويشمل البول والغائط وريح الدبر , والمني والمذي والودي، ودم الحيض والنفاس ونحوهما.
ثانيا : النوم الذي لا يبقي معه إدراك.
ثالثا : زوال العقل سواء كان بالجنون أو بالإغماء أو بالسكر أو بالدواء.
رابعا : مس الفرج بدون حائل.
خامسا : أكل لحم الإبل.
ومن الفوائد المتعلقة بالوضوء :
1- إذا شك المتوضئ هل انتقض وضوءه أم لا ؟ لا يضره الشك ولا ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو خارجها حتى يتيقن أنه أحدث.
2- يجب الوضوء علي من أراد الصلاة مطلقا فرضا كانت أو نفلا , وعلى من أراد الطواف بالبيت الحرام , واختلف العلماء في وجوبه علي من أراد مس المصحف.
3- يستحب الوضوء عند ذكر الله تعالي , وإذا أراد الإنسان النوم , وللجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب , أو يعاود أهله , وكذلك قبل الغُسل سواءً كان غُسلا واجبا أو مستحبا.
4- يستحب الوضوء أيضا لكل صلاة ولو لم ينقض وضوءه الأول وذلك لحديث بُرَيْدة رضي الله عنه قال : ( كان النبي - صلي الله عليه وسلم- يتوضأ عند كل صلاة ) رواه مسلم.
5- وجود الحائل مثل الشمع علي أي عضو من أعضاء الوضوء يبطله , أما اللون وحده , كالخضاب بالحناء مثلا , فإنه لا يؤثر في صحة الوضوء , لأنه لا يحول بين البشرة وبين وصول الماء إليها.
6- يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء , ويباح للمتوضئ أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه صيفا وشتاءً.
( * ) المدينة المنورة ، ص ب 7110
ALUSF@gawab. Com |