الاجتماعات في العملية الاجتماعية وحياة الإنسان من الأمور الأساسية التي لاغنى عنها، تجتمع فيها الأطراف ذات العلاقة بموضوع ما أو قصة ما أو عملية ما ويناقشون الأمر من وجوهه المختلفة، ويصلون لبعض الحلول التوفيقية أو العملية، وبالتالي يحيلونها إلى عملية التنفيذ، بحيث يتم الإنجاز على الشكل الأمثل.
وككل عملية بشرية تتعلق بحياة البشر اليومية فإن الاجتماعات تحتمل الوجهين وجه الخير ووجه الشر، الوجه الأبيض والوجه الأسود، وما تعارفت عليه المجتمعات بطبيعتها وأعرافها وهو أن الاجتماع كلمة تقترن على الأغلب بالخير، فالاجتماع للتطوير والعمل وذكر الله والفائدة والنفع للنفس والآخرين، ولكن ربما تسير الأمور بما لا تشتهي الأنفس الطيبة.
فالنفوس منها الضعيف، والبشر منهم الأشرار، والحياة فيها الجيد وفيها الرديء،وبعض الاجتماعات لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي اجتماعات فارغة مضيعة للوقت والمال والجهد، ومقترحاته لا نعلم ما هي؟ وأين هي؟ وكيف ستصاغ؟ وكيف ستنفذ؟.
إن البعض يعشق الاجتماعات حتى الثمالة - إن صح التعبير - يعشق الاجتماعات وهو لا يقدم الرؤية الصحيحة فيها، ولا يعرف كيف يدير دفتها، ولا كيفية معالجة القضايا المطروحة، وتلك مصيبة المصائب.
إن فاقد الشيء لا يعطيه، والذي ليس بداخله يكمن النفع، وليس لديه من الروائع في ذاته، ولا يعرف تقديم الخير، ولا يمتلك الذخيرة العلمية المناسبة فإنه بالتأكيد أعجز من أن يقدم لغيره أي حل أو أي نفع ، وهؤلاء وللعجب يهوون الظهور والبروز، ويعشقون الاجتماعات والمداولات، وباختصارهم أصحاب دبلوماسية، وكلام قد يكون معسولاً ولكنه فارغ.. فارغ.. فارغ والعياذ بالله.
إن الخطر يزداد على قدر أهمية المؤسسة التي يتبع لها هؤلاء الأشخاص، وكذلك على قدر أهميتهم وموقعهم الوظيفي فيها، فالشخص من هؤلاء الذي يدير على سبيل المثال مؤسسة كبرى ويهوى أمثال تلك الاجتماعات لدرجة الإدمان اليومي عليها مع اجتماع موسع أسبوعي فإنه يهدر وقت المؤسسة والعاملين فيها ويضحي بالكثير من الإمكانات وكل ذلك يذهب هباءً منثوراً.
من هنا جاءت أهمية الرقابة والمراقبة، وأهمية الحساب والمحاسبة مع أن الرقابة لوحدها لا تكفي، ولابد لها من جهاز تنفيذي قادر على الردع وقت الضرورة حفاظاً على المصلحة العامة، وحفاظاً على ما يقتضيه شرع الله منا، فالإسراف والتبذير والهدر بكل أنواعه مرفوض شرعاً سواء كان الهدر مالياً أو وقتياً أو حتى كلامياً.!
أعود وأؤكد أن ما ذكرته هو الاستثناء لدينا وليس القاعدة - والحمد لله -، فغالب ما يحدث لدينا هو للخير والنفع، والقلة يحدث بها ما ذكرنا، وما دعانا للتنويه عنه هو الخطورة التي تكمن في هذه القلة والتي لا بد من معالجتها إفرادياً وفي كل مؤسسة وفي كل مكان ليبقى النقاء والصفاء والعمل الجاد الدؤوب هو القاعدة ويزول الاستثناء والشذوذ بإذن الله، وهذا هو ما يرضي الله سبحانه ويعم نفعه على الأمة والمجتمع والفرد بإذن الله.
تحضرني طرفة واقعية في هذا السياق، وهي أنه لابد لأحدنا أنه قد حضر اجتماعاً كان بعض حضوره نياماً أو شبه نيام يهزون رؤوسهم وقت الهز ويرفعون أيديهم وقت الرفع وينصرفون بعد الانصراف ويحضرون مثل الحضور، ويشربون الشاي والقهوة كل الوقت، وحقائبهم لا تخلو من الساندويتشات غالب الأيام، والسلام عليكم.
|