* القاهرة - أحمد كمال - أ.ش.أ:
يطرح إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش منذ أيام عن استحقاق الشركات الكندية للتقدم بعروض إعادة الإعمار في العراق تساؤلات كبيرة حول حدود التحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه أولويات منح الفرص لهذه العمليات، التي تقدر تعاقداتها بمليارات الدولارات. وبحسبما ترى الدوائر المقربة من صنع القرار الأمريكي فان كندا لم تكن لها معارضة نشطة للحرب على العراق على المسرح الدولي بعكس المعارضة القوية التي أبدتها فرنسا وروسيا وألمانيا في الأمم المتحدة.. فهل يعني ذلك استبعاد تلك الدول الثلاث عمليا من الفوز بأي عقود لإعادة الإعمار.
يقول المراقبون ان كندا تعتبر من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، ولها نصيب في العمل العسكري على الأرض الأفغانية.. إلا أن البعض يقرر ان التحول الجديد في اتجاه الإدارة الأمريكية تجاه مسألة إعادة الإعمار في العراق يعتبر تراجعا من بوش عن مواقفه السابقة التي استبعدت العديد من دول العالم من محاولة المشاركة في هذه العمليات فيما بعد الحرب.
وخلال القمة الخاصة للدول الأمريكية التي استضافتها مدينة مونتيري المكسيكية في منتصف يناير الماضي أبلغ الرئيس الأمريكي رئيس الوزراء الكندي الجديد باول مارتين بذلك التغير في السياسة الأمريكية تجاه المشاركة الدولية في إعادة اعمار العراق بعد حالة من عدم وضوح الرؤية حول هذه العملية.
وكان البنتاجون قد تسبب في ذعر شديد على المستوى العالمي في ديسمبر الماضي بإعلانه الانتهاء من عمل مذكرة تضم 63 دولة فقط من بين دول العالم يسمح لشركاتها بالتقدم للفوز بعقود إعادة الإعمار في العراق والتي تقدر القيم الإجمالية لها بنحو 18.6 مليار دولار أمريكي.
واستبعدت قائمة البنتاجون التي تحمل توقيع وزير الخارجية كولين باول وولفويتز نائب وزير الدفاع الأمريكي الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة وهم فرنسا وألمانيا وكندا من عمليات إعادة الإعمار لأسباب بررها الموقف الأمريكي بأنها تمس اعتبارات الأمن القومي.
ووصف المراقبون الموقف الأمريكي بأنه متعنت تجاه الدول الثلاث وغيرها حيث كانت فرنسا وألمانيا على وجه الخصوص تتزعمان التيار العالمي المعارض للعمل العسكري في العراق وذلك بالإضافة إلى روسيا.
ويقول المراقبون ان غالبية دول العالم الآن قد سمح لها بالاشتراك في عمليات إعادة الإعمار من خلال تولي مهام اقل ربحية وتتمثل في العمل من باطن الشركات الرئيسية التي سترسو عليها عقود إعادة الإعمار. ولقد تزامنت وثيقة البنتاجون الخاصة بسياسات تعاقد إعادة الإعمار في العراق مع جولة كان يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر بهدف إقناع الدول الدائنة للنظام العراقي السابق بالتغاضي عن جزء من تلك الديون البالغ إجماليها الأصلي 120 مليار دولار أمريكي.
وأعلن الرئيس بوش ان الشريحة الأولى من عقود إعادة الإعمار التي ستسند للشركات العالمية التي من المقرر ان يتم الإعلان عنها في مارس القادم ستسير وفقا للنظام القديم الذي يستثني دولا بعينها من المشاركة في تلك العقود. وسيبدأ بعد مارس القادم فتح الباب بلا أي تحفظات أمام الشركات العالمية المتنافسة على عقود إعادة الإعمار بنظام المقاول الرئيسي ومن بينها الشركات الكندية. ويجرى في الوقت الراهن العمل للانتهاء من عقود اسناد الشريحة الأولى من عمليات إعادة الإعمار في العراق وهي عقود تتعلق بمشروعات البنية الأساسية العامة في العراق وكذلك عمليات إدارة النفط العراقي وهي عقود يصل إجماليها إلى 4 مليارات دولار أمريكي.
وقد تم رصد مبالغ قيمتها 6 مليارات دولار أمريكي لتمويل عقود غير إنشائية على مدار العام 2004 في مجالات التدريب لقوات الأمن العراقية. كما سيتم تخصيص أربعة مليارات دولار أمريكي كاحتياطي عام للسحب منه في حالة حدوث ارتفاعات لم تكن متوقَّعة الحدوث في الأسعار عنها خلال زمن التعاقد.
ويراود الدبلوماسيون الأوروبيون الأمل في ان تستفيد فرنسا وألمانيا من التحولات الجديدة في مواقف الإدارة الأمريكية تجاه مسألة عقود إعادة الإعمار في العراق والمرونة التي يبديها الرئيس بوش تجاه مسائل كان يتشدد فيها سابقا في الوقت الذي يتأهب فيه الرجل لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم.
ويقول محللون ان بصمات مستشارة الأمن القومي الأمريكية كوندوليزا رايس ليست ببعيدة عن التحول الجديد لادارة بوش فيما يتعلق بمسألة عقود إعادة الإعمار في العراق.. فقد أعلنت رايس قبل أيام عن نية الإدارة الأمريكية اجراء تعديلات على سابق مواقفها المعلنة من مسألة إسناد عقود إعادة الاعمار في العراق على ضوء التغيرات الجوهرية في الظروف وذلك عقب الانتهاء من تخصيص الشريحة الأولى من المشروعات. وعلى الرغم من ذلك ذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) الأمريكية في ملحق خاص عن التشييد في العالم انه من غير الواضح ما إذا كانت توجهات إعادة الإعمار الجديدة للإدارة الأمريكية ستتسامح إزاء المواقف السابقة المعارضة للحرب على العراق لكل من ألمانيا وفرنسا بما يفتح الباب أمام الشركات من كلا البلدين للانضمام إلى مستفيدي إعادة الإعمار. ونقل عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية قولهم ان سياسات إعادة الإعمار في العراق ليست استراتيجية مغلقة، بل هي استراتيجية منفتحة لكل من يريد الانضمام إلى قوى التحالف وهو ما ينطبق ايضا على الجزء الخاص بإعادة الإعمار في العراق.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الكندية قد ضغطت بشدة باتجاه فتح الباب أمام شركاتها للنيل من كعكة إعادة الإعمار، وترى كندا انها ضمن ممولي إعادة الإعمار (عمليا) فهي التي تتولى تدريب قوى الأمن العراقية الجديدة في الأردن.
|