يبدأ الصانع بتسخين قطعة من (الجلد) على نار هادئة وكأنه يريد لها أن تتذوَّق طعم الحرارة شيئاً فشيئاً ليطول الوقت ويصير العذاب مضاعفاً على نظام التقسيط، وفي الجانب الآخر صانع آخر له مهمة أخرى وهي اختيار العصا القصيرة القوية ولا أسوأ من القصير الشديد الذي يوزع إحباطاته على ملامسيه أو مصاحبيه أو معارفه حتى وإن كانت عصا الطبال التي تحدث رنيناً لا تسمعه ولا تفهمه، بل هي أداة طرق وضرب.. ومن هنا يبدأ تكوين الطبل.!!
الطبل للرنين إذن .!!
ولإفراغ المكنونات والإحباطات والتحدث بصوت عالٍ بلغة غير مفهومة إلا أنها تبدأ من العصا وتنتهي إلى الفراغ..
وما أكثر الطبول وما أكثر الطبَّالين ولاسيما العرضة والهجيني والحفلات تحتاج إلى أكثر وأكثر..
والفراغ يولِّد الاحتقان والضجر، وأحياناً لا سبيل إلى التخلص منهما إلا بالقرع على الطبول، وليتني أعرف من اخترع الطبل لأهديته وسام الحرية من الدرجة الأولى لأنه سياسي محنَّك ترك للناس فرصة التعبير عن قهرهم بإفراغ قوة العصا على قطعة جلد تنفث أحزانها في فراغ محاصر بالرنين والرنين نوع من الموسيقى.. والموسيقى تأخذ الشرايين الضيِّقة إلى دنيا رحبة من التداخل المطلوب في حياة الباحثين عن التوسع ولو على نطاق ضيِّق..!!
ذلك هو الهم أو الخيط الرفيع الذي نبني عليه حياتنا ومنافساتنا وأشياءنا الأخرى ولا نعلم أن تلك اللحظات وهم عابر حتى وإن ترنَّح الطبَّال على صوت طبله المؤرق بالحزن والبكاء الصامت..!!
( * ) مساعد مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية |