تعقيباً على ما نشر في الجزيرة من مواضيع التعليم الفني أقول: إن المتتبع لمسيرة التعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة العربية السعودية يلاحظ مدى القفزات الهائلة والخطوات البناءة التي وصل اليها، وذلك من خلال معاهد التدريب المهني والمعاهد الفنية الثانوية والكليات التقنية ومدى اقبال الطلاب عليها.
إن للتعليم الفني والمهني دوره الرائد في بناء المجتمعات وتقدم الشعوب في المجالات الصناعية او التقنية، وما شاهد ذلك إلا رقي بعض الدول الآسيوية التي كانت تقبع تحت خط الفقر والتي أنهكتها الحروب الى مصاف الدول المتقدمة صناعيا وتقنيا، وذلك سببه اهتمام مسؤولو هذه الدول بالتعليم الفني والتقني وكان لها ما ارادت.
لقد أولت حكومتنا الرشيدة - أيدها الله - هذا المجال كل الاهتمام وجل الدعم ولم تألوا جهدا في دعم مسيرته والرقي به الى أعلى المستويات، فافتتحت الكليات التقنية وكذلك المعاهد الفنية الثانوية ومعاهد التدريب المهني بأغلب مناطق المملكة، فقلما تخلو محافظة من صرح من صروح المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، والفضل بعد الله يعود لحكومة هذا البلد المعطاء ولرجال المؤسسة العامة وعلى رأسهم معالي المحافظ د. علي الغفيض فلهم جهودهم الواضحة والملموسة في سبيل رفعة التعليم الفني.
ما أود طرحه هنا ومن خلال هذا المنبر الإعلامي والموجه للمسؤولين في المؤسسة هو حول بعض التخصصات في الكليات التقنية ألا وهما تخصصا المحاسبة والإدارة المكتبية، وبصفتي خريج احد الكليات التقنية أود أن أذكر بعض النقاط والتي تسترعي انتباهنا وهي:
- نسبة القبول في هذين التخصصين كبيرة جدا اذا ما قارناها بالتخصصات الأخرى.
- لم تعد هناك حاجة في قبول اعداد كثيرة في هذين التخصصين وذلك نظرا لقلة الفرص الوظيفية وخصوصا قسم الإدارة المكتبية، أضف الى ذلك تعنت القطاع الخاص في استقطاب هؤلاء الخريجين وضعف المردود المادي وسياسة التطفيش عن بُعد والذي يمارس ويدار من خلف الكواليس.
- يجب ان يكون القبول بهذين القسمين بقدر حاجة السوق تقريبا ومدى الفرص الوظيفية المطروحة سنويا من قبل المنشآت الوطنية، وأعتقد والله اعلم بأن لدى المؤسسة دراية بمدى حاجة سوق العمل عن طريق الاحصائيات التي تقوم بها او ما يقدمه رجال الأعمال بمدى حاجة منشآتهم والتخصصات التي يرغبونها ونطالعها في المطبوعات الصحفية، وكذلك حصر الوظائف الخاصة بخريجي الكليات التقنية والتي لم يحالفنا الحظ لنراها بعين الواقع.
- ديوان الخدمة المدنية والذي يطرح وظائف محاسبية وغيرها يضع في الدرجة الأولي حاملي الدرجة الجامعية ثم حامي الدبلوم من خريجي معهد الإدارة ثم خريجي التقنية، فهل لنا أمل بالمنافسة او المفاضلة مع من ذكرت؟
- لماذا لا تتاح فرصة مواصلة البكالوريوس لخريجي هذين القسمين اسوة بالتخصصات الأخرى؟
- مثلا بالقصيم نتمنى أن يكون هناك قسم لإدارة الفنادق، وهذا القسم له جدواه الوظيفية في ظل المشاريع السياحية واهتمام حكومتنا بالسياحة وهناك الكثير من الوظائف وفي كافة مناطق المملكة في ظل التقدم السياحي الذي تشهده هذه البلاد.
- مكاتب التدريب التعاوني في الكليات التقنية لها دورها الايجابي وهي قناة اتصال بين الخريج والقطاع الخاص، فالكثير من الطلاب يجهل دورها او لا يعلم بها اصلا، فلماذا لا يكون هناك حلقة تواصل بين هذه المكاتب والطلاب وتشجيعهم من خلال القاء المحاضرات التعريفية والجهود التي تقوم بها هذه المكاتب وكذلك التعريف بالفرص الوظيفية المتاحة لدى هذه المكاتب والمطروحة من قبل القطاع الخاص؟ ويجب ان تكون جهود هذه المكاتب حتى فيما بعد التخرج.
- كانت الدراسة بالكليات التقنية سنتين ثم سنتين ونصف ثم ثلاث سنوات، والآن سنتان. فما الحكمة من ذلك؟ خريج قضى عامين وآخر ثلاثاً ومع ذلك لم تنصفنا زيادة السنة او نقصها وظيفيا في ظل شللية هذين التخصصين، ولم تكن هناك فروقات شاسعة بين المناهج التي تضاف او التي سبق وأن درسناها ولم تضف لنا معارف او مهارات جديدة، وكطلاب لم نستفد سوى زيادة عام او نصف عام فقط وهذا ما يميزنا عن بعض نحن الخريجين.
- وزارة التربية والتلعيم طرحت وظائف محضري مختبر «حاسب آلي» وتقبل دبلوم المعاهد الأهلية والمعتمدة من قبل المؤسسة، فلماذا لا تقبل خريجي الكلية التقنية تخصص حاسب آلي؟ علما بأن هؤلاء الخريجين على كفاءة ودراية ممتازة بعلوم الحاسب، وقام بتدريسهم نخبة من الدكاترة والاساتذة الاكفاء، هل نفسر ذلك بأنه لا تعاون ولا تنسيق بين المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، أم ماذا؟
هناك وهناك تساؤلات تشغل بالنا نحن خريجي الكليات التقنية وخصوصا خريجي قسم التقنية الإدارية «المحاسبة + الإدارة المكتبية» الذين يتمنون ان يجدوا فرصا وظيفية او نحظى بمواصلة الدراسة لنحصل على البكالوريوس عل وعسى ان يشفع لنا بالمنافسة على الوظائف التي يطرحها القطاع الحكومي والخاص.
كلنا ثقة بمسؤولي المؤسسة بأن يجدوا لنا حلولاً منصفة خصوصا حول مواصلة البكالوريوس وألا تندثر أحلامنا خلف شهادة الدبلوم الذي نحمله منذ سنوات والذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
متعب العبدي البدراني/ القصيم - الضلفعة |