يحدث الصراع الفكري نتيجة أداء أنشطة متوافقة أو متضادة وبمعنى آخر فإنه يحدث عندما تؤدي فئة من المجتمع فعلاً يضر بفئات أخرى فيبدأ الصراع الفكري.
وللصراع بمفهومه العام العديد من الصور منها:
1 الصراع بين الخير والشر.
2 الصراع التنظيمي.
3 الصراع العسكري.
4 الصراع الفكري.
ومحور حديثنا ينحصر في الصراع الفكري الذي ينقسم إلى قسمين: صراع فكري ايجابي؛ وهو ما ينتج عنه نتائج ايجابية، والصراع الفكري السلبي؛ وهو ما يترتب عليه نتائج سلبية.
الصراع الفكري الايجابي
هو ما يحدث نتيجة لاختلاف الطرح الفكري بين تيارين أو أكثر من التيارات الفكرية على اختلاف ثقافاتها وعقائدها وهي تتفق في انها تسعى إلى تحقيق هدف واحد يصب في المصلحة العامة ولكن لكل طيف من هذه الأطياف رؤياه التي يرى أنه من خلالها يحقق المصلحة العامة ضمن الضوابط الدينية (وهذه النقطة بالذات هي محور الاختلاف بين هذه الأطياف).
شيء طبيعي أن يكون هناك اختلاف وتضاد وصراع فكري ينتج عنه فتور في العلاقة بين هذه التيارات الفكرية وقد يصل إلى حد التطرف الحاد (الذي يكون مطلوبا) لأهميته في التمسك بما تراه صحيحا من وجهة نظرها وانطلاقا من ثوابتها وقناعاتها، ولكن لايصل بأي حال من الأحوال إلى حصول القطيعة النهائية بينهما لأن من يديرون هذه الصراعات من أصحاب العلم والفكر والرأي ومن الذين يؤمنون بأن الاختلاف في الطرح سمة محمودة مازال في دائرة الاختلاف المشروع.
وهو ما شاهدناه من خلال الحوار الوطني وما نقرأه في الصحافة وأيضا ما نشاهده في القنوات التلفزيونية.
ولو أنني أتمنى على هؤلاء العلماء والمفكرين ان لا يشغلهم الصراع الفكري فيما بينهم عن تلمس هموم العامة وعن دورهم الأساسي حتى يخرج الصراع الفكري فيما بينهم بنتائج ايجابية تحقق الطموحات المطلوبة.
الصراع الفكري السلبي
هو الصراع الذي يحدث نتيجة تبني بعض الفئات فكراً متطرفا مبنيا على قناعات فكرية غير صحيحة وصدقوها نتيجة لأنهم قليلو العلم أو تحت تأثير فكر شاذ أو لأنها تنسجم مع ميولهم النفسية المريضة ومن خلال هذه القناعات الفكرية الناقصة يسعون إلى تحقيق أهدافهم غير سليمة النية والقصد.
ودوافعهم في ذلك كثيرة منها انهم مطاردون وهاربون من بلدانهم الأصلية لأي سبب كان أو أنهم ينفذون مشروعا فكريا تدميريا ناتجا عن تكوينهم النفسي المريض أو أنهم عملاء لأعداء الامة الإسلامية والعربية لذلك سعوا إلى التأثير على فئة من شباب هذا البلد لكي ينفذوا من خلال أهدافهم أو أهداف من يقفون وراءهم ويدعمهم مستغلين النقص لدى هؤلاء الشباب في فهم العقيدة الصحيحة والسنة النبوية السمحة وعزلوهم عن العلماء (الذين هم منشغلون في الأساس بإدارة الصراع مع التيارات الأخرى) والتشكيك في مصداقيتهم بل وصل بهم الأمر إلى تكفيرهم.
وشيء طبيعي أن من يتقبل مثل هذه الأفكار والمعتقدات لابد أن يكون لديه قصور فكري لأنه من المعلوم ان الإدراك عند الإنسان يتأثر بالدافع والخبرات السابقة ويتأثر أيضاً بطبيعة المعلومات وخصائصها.
فإذا علمنا أن هؤلاء الشباب عديمو الخبرة ومدفوعون بدافع الدين غير الصحيح نتيجة لسوء فهمهم للعقيدة الصحيحة فبالتأكيد سيصبح هذا الدافع موجها لسلوكهم نحو الأهداف المنتقاة من قبل الذين يوجهونهم إضافة إلى انهم وضعوا تحت زخم من المعلومات والأفكار ذات طبيعة وخصائص مدروسة وموجهة.
كما أن وضعهم في مجموعات جعلهم يتأثرون بنمطية وديناميات الجماعة وهي التفاعلات التي تحدث داخل الجماعة أو بينها وبين البيئة الخارجية في سبيل تحقيق أهدافها، لذلك نجد أن أغلب هؤلاء الشباب اعتزلوا أهلهم وأصدقاءهم ومحيطهم السابق وانخرطوا في هذه الجماعات ذات الخصائص والأفكار والمبادئ المحددة والمبرمجة والغاية منها تحقيق الأهداف التي رسمها القائمون والموجهون والمفكرون لهذه الجماعات.
مما أدى هذا التطرف في التفكير وسوء الفهم إلى الأحداث الإرهابية التي حصلت في البلد في الفترة الماضية.
طرق العلاج أو الحل
1 الأسرة: عدم متابعة الأبناء وتوجيههم ومعرفة مع من يتواصلون إضافة إلى حسن النية المتوارث عندنا لأننا نأخذ الناس بمظاهرهم بدون أن نسأل عن خلفياتهم على اختلافها فعندما نجد أن الابن يمشي مع (فلان) من الناس و(فلان) يتسم بسمات الصلاح لا نكلف أنفسنا السؤال عن هذا الفلان ولا يخطر ببالنا أنه قد يكون ضحية من ضحايا أعداء البلد وبالتالي يسلك الابن مسلكه، طبعاً أنا لا أعمم ولكن أقيد ما ذكرت على الفئة المعنية.
2 العلماء: جعلوا بينهم وبين الشباب فراغا نتيجة لعدم الاتفاق فيما بينهم ونسوا ان الغالبية من المجتمع وخصوصا الشباب قد لايفهمون ما يدور بينهم من تباين فكري والبعض الآخر قد يفسره حسب فهمه القاصر وأتمنى مرة أخرى ان يستشعروا دورهم الأهم وهو التصدي للأفكار الهدامة الموجهة لشباب هذا البلد الغالي علينا جميعاً.
3 الإعلام: بقسميه المرئي والمقروء نجده يتبنى بعض الأطروحات ويتجاهل البعض الآخر ناسيا أو متناسيا ما قد يسببه هذا التوجه من دفع بعض قاصري الفهم والإدراك إلى اللجوء إلى الارتماء بين يدي اعداء الأمة والدين. الحوار الفكري المنفتح على الآخرين والمجادلة بالتي هي أحسن هو الحل العقلاني الرزين بعيداً عن مصادرة حق الآخرين في ابداء وجهات نظرهم فيما لايمس ثوابت العقيدة السمحة والسنة المطهرة ومكتسبات هذه البلاد الغالية حفظ الله بلادنا، والله من وراء القصد.
|