تتكرر المشاهد الحياتية اليومية التي لا نفضلها دائماً، أو أنها غير مرغوبة لدى الكثيرين منا, أو أن تكون من جملة ما يندرج تحت مسمى السلوك المرفوض, ومع ذلك تمر وكأنها من المسلمات والبدهيات ومما لا يحرك الذهن للتفكير في أدنى درجات استنكاره تمهيداً للاقلاع عنه وصولاً لمستويات أعلى من كمال السلوك الاجتماعي العام. وهذا القدر المتدرج ارتفاعاً يستلزم ذهنية اجتماعية تستلذ وتتذوق متعة الارتقاء بذوقها العام ومسلكها النبيل ونقاء التعامل بين عقول وأنفس شرائحها الاجتماعية, وتستوعب وتتأمل وتتوارث أدبيات التعايش الأسري والاجتماعي، وتستبعد شوائبه، ثم تنمي وتكرس وتطور خلاصات التجارب والمواقف في الفكر والممارسة والتفاعل الجمعي والفردي، وربطها بعواملها المشتركة التي تهذب العقلية والنفسية للوسط الاجتماعي؛ ليتمكن من تصنيف نفسه بدرجة معقولة قابلة للتطوير والتميز بين الأوساط الاجتماعية الأمية الكونية. فالتطوير في السلوك والمعايش والأساليب الحياتية يبدأ من ذات الفرد مؤثراً في الأسرة التي تتفاعل اجتماعيًّا لترسم خطوط ونقاط ومراحل تطور ونمو المجتمع في فكره وحسِّه الوطني وانتمائه لمبادئه وعقائده وموروثه الحضاري, بعيداً عن العي والعوق الاجتماعي.
|