رضا الناس غاية لا تُدرك
ان الناس ما بين راض وساخط على كتابات بعض الشباب، فالساخطون يريدون من اخوانهم الا يكتبوا عن الألم وأحاسيسهم عنه، ولا عن المرارة والحسرة، أو التعاسة والشقاء، بل يفرضون عليهم فروضاً ويملون شروطاً، ويريدون ان يكتبوا في حدود فروضهم وشروطهم، والا يصمونهم بالتشاؤم والأوهام والجبن عن مجابهة الحياة ومقابلتها.
ويصفونهم بالكذب زاعمين ان هؤلاء لم تنهشهم مخالب الألم ولا أنياب المرارة!! وهذا في نظري - كواحد من الشباب - تطرف في الحكم ونظرة خاطئة وادعاء لا أساس له، فعلى أي شيء بنى الساخطون أحكامهم؟ وهل يفرض على الكاتب نمط من الكتابةأم انه يكتب عما يحسه أو يراه أو يتصوره في نفسه، وهي بالتالي نفسي ونفسك أنت؟ وهل ما يكتب عن الألم والمرارة أو الحسرة بدع هؤلاء الشباب؟ ألم يسبقهم إلى ذلك كتاب كبار وشعراء فحول ممن تعذبوا بالألم واصطلوا بناره وممن لم يتعذبوا به، بل كتبوا عنه لأنهم تصوروه؟
ومتى كان الشاعر أو الكاتب مطالباً بألا يكتب عن أشياء لا يحسها ولا يشعر بها وانما يعيشها الآخرون؟! هل كل من قال شعراً غزلياً صار كمجنون ليلى ؟!
وبعد لماذا نقدح في الشباب الذين يكتبون عن الألم والحسرة والمرارة وننكر عليهم ذلك ونحكم عليهم بالكذب؟!
الشاب هو أقرب فريسة للألم والحسرة والمرارة لأنه بحكم حياته ومراحلها وتطورها يقف في مفترق الطرق، تنتابه الشقاوة ويمزقه الحرمان ويدخل مع كل هذا في معركة تكابده ويحاول أن يصدها ويتغلب عليها، ثم تصنعه رجلاً قوياً بعدما (طرقه الزمن على سندانه) كما قيل بعدها يعرف السعادة، فلولا الألم والشقاء لما عرفنا السعادة ولولا العلقم لما عرفنا الحلاوة وهكذا...
وأخيراً ألم يوجد لنا الألم والتعاسة أدباً جيداً وأدباء يعتبرون أعلاماً في الأدب العربي؟ وهل وقف أحد في وجوه الأدباء السابقين الذين كتبوا عن الألم ؟ أليست كتبهم هي التي تضيء مكتبتنا العربية في الماضي والحاضر ؟أليست هي الجديرة بالقراءة والدرس؟ وبعد ذلك هل لنا أن نبعد عن هؤلاء الشباب قيودنا ونتركهم يكتبون بنبض وجدانهم ومشاعرهم ؟
|