ذكرت لي إحدى صديقاتي قصة مرت بها وتجربة خاضتها وكانت هي حقاً من استفاد منها، جنت بعضاً من ثمارها وما تزال.. أدامها الله عليها.
أحببت كتابتها ونشرها لأسباب:
1- لأن الفوائد التي جنتها صاحبة القصة عظيمة لا تقدر بثمن.
2- لأنها تشير إشارة سريعة «ضمنية» وتلمح بلمحة عابرة على مَعَلم مهم في مملكتنا الحبيبة ما يزال ينمو نمواً مطرداً في جميع أنحاء المملكة.
3- لتعم الفائدة وينفع الله بها الكثير، فهي دعوة لي ولجميع أخواتي لخوض هذه التجربة التي أتمنى من الله - عز وجل -أن تتحول من كونها تجربة إلى برنامج مستمر.
وقد لاحظت على صديقتي تغيرات ايجابية بعد تلك التجربة التي خاضتها وما تزال بكل سرور ومتعة كما تقول - أدامها الله عليها وبلغنا إياها - أضف إلى ذلك ما كان يعلوها من نور وسرور واضح على محياها وإليكم القصة على لسان صاحبتها تقول: «أعرف كما يعرف الجميع أن القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي فهو أساس الإسلام وهو الدستور الذي نستضيء به في هذه الحياة.
هذه كلمات فهمتها واعتدت سماعها دوماً من قبل معلمتي وغيرها، كنت أحفظها عن ظهر قلب وأفهمها تمام الفهم كما كنت أعتقد، لكني كنت بعيدة عن استشعارها، وعن تطبيقها على أرض الواقع.
نعم أقرأ القرآن وأحفظ جزءاً يسيراً منه، وأعرف الأجر المترتب على قراءته، نعم.. نعم لكني لا أحس ولا أتذوق طعم الخشوع والتدبر أثناء القراءة!!
أتعجب وألوم نفسي عندما أقرأ سير السلف الصالح وخشوعهم وتدبرهم عند قراءتهم للقرآن، وينتابني الاستغراب.. لماذا لا أحس بتلك الحلاوة؟ بذلك الخشوع؟ لماذا أنا بعيدة عن ذلك كله؟
لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
أسئلة تتردد في ذهني، تحلق في سماء تفكيري تبحث عن اجابة، وبعد بحث وتقصٍّ، ونصح وإرشاد وجدت الجواب وتحققت الأمنيات ووجدت ما أتمناه وأهفو إليه..
شاء الله أن يتحقق ذلك كله مع الهمة القوية والعزيمة الصادقة والسؤال والاستفسار..
نعم أصبحت قارئة للقرآن بل ومتقنة له..
نعم أصبحت أتمنى لو يطول الوقت للبقاء مع كتاب ربي..
نعم أصبحت لا أملّ الجلوس معه..
لقد تغير الحال، وجدت نفسي أبكي عندما أقرأ آيات العذاب والنذير، وأحلق في أجواء الجنة عند قراءتي لآيات النعيم، استشعر كل ذلك أثناء تلاوتي، تاركة كل هموم الدنيا خلفي.. لم؟
لأني مع القرآن.. وأين؟ في دار القرآن.. ومع من؟ مع صويحبات الصلاح والخير.
وجدت فيك يا دار القرآن ما لم أجده في غيرك، معلم شامخ في وسط هذه المعمعة الدنيوية، نور ساطع في أجواء هذه الظلمة، ماء للظامئين، أنس للغرباء، مصدر للخير والعطاء.
أطعمتني حلاوة القرآن، زودتني بما لا يقدر بالأثمان، جعلت هدفي رضاء الله والجنان.
فأنت يا دار القرآن للحق داعية، وللفتاة مربية، وللعطاء صاحبة، وللخير مرشدة.
أجواء روحانية وشعور إيماني يخالجني عندما أصعد عتباتك وأمسك كتاب ربي في ردهاتك.
أيتها الدار.. أنت جامعة لتخريج الحافظات، ومعهد لإتقان التلاوات، منهجك القرآن ومن فيك هم أهل القرآن.. أهل الخير والعطاء..
وماذا تعلمت منك؟؟
تعلمت منك الكثير والكثير
تعلمت منك أن نعمل ونجتهد لبلوغ درجات الجنان برحمة الكريم المنان.
تعلمت منك أن نستثمر الوقت فيما يرضي الله ويعود علينا بالنفع العظيم لأن العمر أنفاس لا تعود.
تعلمت منك أن نعطي الخير ولا ننتظر الجزاء من الناس، وأننا في هذه الدنيا سائرون فإما إلى خير وزيادة وإما إلى شر ونقصان.
تعلمت منك أن نكون معاً قلباً واحداً في أجسام متفرقة.
تعلمت منك أن الطعم الحقيقي للسعادة لا يكون إلا بالتقرب الى الله والرضا بقضاء الله وقدره، وان نتوج الحياة بالتفاؤل والبهجة والسرور وأن نعمل ونجتهد لغد أسمى وأجل، لغد يحمل كل الأمل فمهما اشتدت الظلماء فالأمر بيد رب الأرض والسماء.
تعلمت منك أن الإرادة صناعة ذاتية فهي الطموح والممارسة والجهد الشخصي، وأن الصبر لا يعني أن نبقى ضعفاء إنما هو خطوة أولى للتقدم للإمام، وأن الصعوبات والعقبات لا مكان لها أمام العزيمة الصادقة والهمة العالية، وأن يوماً من الأيام لا محالة سيكون هو اليوم الأخير لنا في هذه الحياة فلا بد أن نعمرها بالأعمال الصالحات. تعلمت منك أن نحب الخير للغير مثل ما نحبه لأنفسنا وأن حلية الفتاة في تحشمها وسترها وألا نجعل للشيطان مدخلاً إلى نفوسنا... ووووو.
لا أدري ما أقول عنك يا دار الخير والعطاء فكلماتي قاصرة في حقكِ وحق من يرتادك، لكن في الختام أقول لاخواتي: لا تترددن في دخول هذا العالم المضيء، هذا العالم المشع بالخير.
هلموا.. اقبلوا.. فالخير كل الخير ينتظركن فلا مجال للتسويف لقد آن الأوان لنجدد علاقتنا بالقرآن في دار القرآن فهو بلا شك استثمار ناجح للوقت وتجارة لن تبور بإذن الله.
كم أتمنى أن نكون معاً لنعيش في هذه الأجواء المفعمة بالنور والهدى والإيمان..»
إلى هنا تنتهي القصة هنيئاً لك صديقتي هذه النتيجة وهذه الفوائد المجنية وتلك السعادة.
صديقتي..
ما قلت زوراً حين قلت: أحبكم
ما الحب إلا الحب في الرحمن
حقاً.. هنيئاً لك يا من تنتمين إلى تلك الدور
هنيئاً لك تلك الحسنات العظام في ميزان الأعمال، فأنت حاملة للقرآن، قارئة له، عاملة به بإذن الله.
وبعد.. أفلم يأنِ لنا أن نبدأ ونشمر!!!
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
|