Wednesday 11th February,200411458العددالاربعاء 20 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

محللون سياسيون لـ « الجزيرة »: محللون سياسيون لـ « الجزيرة »:
حين تضطر إسرائيل لأن تحتوي شعباً آخر وأن تعيش معه فإن المشروع الصهيوني برمته سينهار

* فلسطين المحتلة - بلال أبودقة:
أعلن (رعنان غيسين) المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن شارون يعتزم نقل بلدات عربية في الأراضي المحتلة عام 48 إلى السيادة الفلسطينية، في إطار عملية لتبادل الأراضي في المستقبل.
وصرح المتحدث باسم شارون ان الأخير يعتزم القيام بتبادل الأراضي مع الفلسطينيين في إطار ترتيبات مقبلة دائمة تنقل بموجبها بلدات عربية اسرائيلية من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948 إلى السيادة الفلسطينية في المقابل تعود مستوطنات يهودية مقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 إلى إسرائيل.
وفي هذا السياق، قال المعلق السياسي في صحيفة معاريف الإسرائيلية (بن كسفيت): إن شارون أكد للصحيفة قيامه بدراسة فكرة لاستبدال مناطق ومجموعات سكانية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بحيث يتم بموجبها ضم مناطق مأهولة بالسكان العرب، إلى السلطة الفلسطينية، مقابل ضم مناطق مأهولة بالمستوطنين إلى إسرائيل.
وحسب الصحيفة تستهدف هذه الخطة، التي سبق الحديث عنها مرارا، خلال الأعوام الأخيرة، زيادة الغالبية اليهودية داخل إسرائيل..
وتتطرق الخطة التي يدرسها شارون إلى مناطق عربية ذات كثافة سكانية عالية، ومتاخمة للخط الأخضر، كمدينة أم الفحم..
وحسب المعلق السياسي، (كسفيت): صادق شارون شخصيا، في تصريحات أدلى بها للصحيفة، الاثنين الماضي، على قيامه بدراسة خطة كهذه..
ونقلت الصحيفة عن شارون، قوله: من المؤكد انه يمكن فحص هذه المسألة، مضيفا (شارون): لقد طلبت فحص الموضوع من ناحية قضائية.. هذه مسألة معقدة، ليس لدي أي جواب حتى الآن، لكنني أفحصها بالتأكيد.. ليس المقصود نقل أناس من مكان إلى آخر وإنما بقاؤهم على أراضيهم ومع أملاكهم ولكن تحت سيادة سلطة أخرى.. إننا نفحص حاليا ما إذا كان يمكن تحقيق ذلك من ناحية قانونية..
ويقدر المقربون من شارون انه لايمكن تنفيذ خطة كهذه، من جانب واحد، دون التورط مع القانون الدولي والأمم المتحدة والعالم كله، لكنه يمكن، برأيهم، محاولة تمرير هذه الخطة في إطار المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين.
وحسب الصحيفة تأخذ الخطة التي يدرسها شارون في الاعتبار احتمال معارضة المواطنين العرب لخطة الاستبدال، وتضع لذلك حلاً يقترح منحهم مواطنة مزدوجة، أي إسرائيلية وفلسطينية، من خلال احتفاظهم بحق التصويت لسلطة واحدة فقط.
لاتوجد دولة في العالم تضع باستمرار علامة سؤال على مواطنة قسم من مواطنيها:
وفي أول تعقيب للنواب العرب في الكنيست الإسرائيلي على تصريحات شارون المتلعقة بإخلاء مستوطنات غزة، ومبادلتها بمناطق عربية داخل إسرائيل، أصدر النائب العربي د.عزمي بشارة بيانا صحفيا تلقت (الجزيرة) نسخة منه، جاء فيه:
أولا: يجب رؤية هذه التصريحات من زاوية التحضير لزيارة شارون للولايات المتحدة.. فهي من ناحية تنعي خارطة الطريق الأمريكية، ومن ناحية أخرى تضمن مباركة أمريكية لأفكار شارونية بديلة تتوافق مع رؤية بوش من خطاب حزيران 2002.. ويجب ألا ننسى ان شارون يتحدث عن التجهيز لخطوات قد يستمر تنفيذها سنوات..
ثانيا: نقرأ هذه التصريحات في سياق خطة شارون لفك الارتباط مع الفلسطينيين من طرف واحد وفرض شكل وحدود الحل الدائم عليهم من طرف واحد ودون مفاوضات.. وفي الوقت الذي يتم فيه جذب الأنظار إلى سحب مستوطنات من طرف واحد يتم فيه تجاهل ان هذا يتم في إطار خطة إسرائيلية لفرض الحدود من طرف واحد، وقصر الكيان السياسي الفلسطيني على غزة والأجزاء المأهولة في الضفة الغربية، خلف عوائق واسيجة وجدران يغلفها جميعاً جدار الفصل العنصري.
ثالثاً: ان التصريحات حول ضم بعض المناطق المأهولة بالعرب الفلسطينيين داخل إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، هي مجرد تمهيد لوضع علامة سؤال حول حقوق عرب الداخل السياسية، فهذه الخطوة لايمكن ان تتم دون اتفاق مع السلطة الفلسطينية في حين يجري الحديث عن خطوات من طرف واحد.. والنتيجة الوحيدة لمثل هذه الأفكار هو ليس تطبيقها بل طرح علامة سؤال دائمة على مواطنة العرب في داخل إسرائيل، ضمن عملية ابتزاز مستمرة يتوقع شارون ان قابل بتأكيد العرب على الانتماء والولاء لإسرائيل.. وأكد بشارة في بيانه: إنه لاتوجد دولة في العالم تضع باستمرار علامة سؤال على مواطنة قسم من مواطنيها.
حين تضطر إسرائيل لأن تحتوي شعباً آخر وأن تعيش معه فإن المشروع الصهيوني برمته سينهار.. وهذا ما تخشاه إسرائيل
وفي هذا السياق، يقول د.رياض الأسطل رئيس قسم التاريخ وأستاذ القضية الفلسطينية في جامعة الأزهر ل(الجزيرة): حين تضطر إسرائيل لأن تحتوي شعبا آخر، وأن تعيش معه، فإن المشروع الصهيوني برمته سينهار، وهذا ما تخشاه إسرائيل..
مشيرا إلى أن دولة الاحتلال لا تخشى من دولة ثنائية القومية من الفلسطينيين أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية (أراضي عام 67) التي تخطط للخلاص منهم بضمهم إلى دولة عربية، أو حتى تمنحهم ولاية على جزء جغرافي صغير، وان ما تخشاه اسرائيل دولة ثنائية القومية من أبناء فلسطين عام 1948 المقيمين داخل اسرائيل.. والذين يعتبرهم الإسرائيليون تهديدا للمشروع الصهيوني، ووضع نهاية لدولة اسرائيل باعتبارها دولة يهود.
ومما قاله رئيس قسم التاريخ: إن ما يخشاه الإسرائيليون انهم سيتحولون إلى أقلية أو ان يستووا مستقبلا مع العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل، بعيدا عن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1967م، وأيضا بعيدا عن فلسطينيي الشتات، الذين هم أكثر من خمسة ملايين لاجئ..
وحسب د. الأسطل الذي يدير المركز الدولي للدراسات والبحوث: فإن الفلسطينيين اليوم يتساوون مع الإسرائيليين في أرض فلسطين التاريخية بل يزيدون عنهم بمائتي ألف.. إذ يوجد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أكثر من (1.4 مليون نسمة) من الفلسطينيين العرب الأقحاح الذين يشكلون ما نسبته (32%) من سكان إسرائيل، وفي الضفة الغربية بما فيها سكان مدينة القدس الشرقية يعيش حوالي (2.7 مليون نسمة) أما في قطاع غزة فيعيش أكثر من (1.3 مليون نسمة)..
وبالتالي يقول الأسطل: إسرائيل ستضطر لأن تعيش في دولة ثنائية القومية، وان تحكم شعبا ثنائي القومية شاءت أم ابت سواء اليوم أو بعد مائة عام فالفلسطينيون العرب داخل إسرائيل يتضاعفون كل (16 عاما)، لقد كان عددهم في عام 1948، 160 ألفاً واليوم بعد أكثر من (55عاما) أصبح عددهم 1.4مليون أي أنهم تزايدوا خلال خمسة عقود تسعة أضعاف، هذا يعني أنه بعد خمسين عاما سيصبح عددهم قرابة (11 مليون نسمة).
ويشير الأسطل إلى ان قدرة إسرائيل على الاستقطاب الديمغرافي محدودة فعدد اليهود في العالم يصل اليوم إلى 12.6 مليون نسمة، وهذا يعني ان اليهود يتناقصون عالمياً.. لقد كانوا قبل أربع سنوات (15مليونا) واليوم تناقصوا، وبعد (20عاما) سينقص عددهم إلى (تسعة ملايين نسمة) في كل الكرة الأرضية، لأن تكوينة اليهودي الصهيوني داخل إسرائيل وخارجها لا تقوم على أساس الأسرة كثيرة العدد، وبالتالي نسبة زيادة عدد اليهود في فلسطين التاريخية ستكون محدودة ومحدودة للغاية مقابل الزيادة الطبيعية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة (عام 48، وعام67) ناهيك عن عدد الفلسطينيين في الشتات.
إذن الفلسطينيون يقول الأسطل ل(الجزيرة): يمتلكون قنبلة بشرية شاءت اسرائيل أم أبت.. يجب أن تتعامل معها.. لن تكون إسرائيل أقسى عودا من أوروبيي جنوب إفريقيا، كم صمدوا، لكنهم اضطروا في النهاية بأن يتعاملوا على أساس دولة ثنائية القومية، وأن يمنحوا الأقلية حقوقها..
ومما قاله الأسطل: لايمكن لإسرائيل اليوم ان تصنع صنيع عام 1948 بترحيل الفلسطينيين، فأعين العالم آنذاك كانت لا تبصر لكن اليوم العالم يسجل كل حركة وسكون في النشاط السياسي الدولي، يسمع ويرى بالكاميرا والصوت والصورة والمؤثرات الطبيعية، وبناء عليه لايمكن تهجير الفلسطينيين الذين يسكنون داخل إسرائيل، وحكومات إسرائيل المتعاقبة مازالت تبحث عن طرح عبقري أو إبداعي يخلصهم من فلسطينيي عام 1948..
فإسرائيل تحاول ان تضطر الفلسطينيين ان يعترفوا بأن فلسطين دولة يهودية، وهذا يدفعهم إلى التفاوض معها على تبادل السكان العرب بالمستوطنين، حتى لو اضطرت إلى أن تضحي ببعض الأرض (المستوطنات)..
ويقول رئيس قسم التاريخ: المفكرون الاستراتيجيون في اسرائيل يخططون بمبادلة فلسطينيي عام 48 بالمستوطنين المتواجدين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولكن حكومة شارون غير مقتنعة وغير مبصرة للحقيقة الواقعة.. لأن خروج الأرض من حوزتهم (المستوطنات)، يشكل بالنسبة لهم ضربا للفكر الصهيوني القائم على مبدأ الحركة التوسعية، وأن إسرائيل يجب أن تبقى كاملة لليهود.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved