في إطار الحديث العام عن ضرورة إعادة النظر في المناهج الدراسية تمشياً مع تغييرات العصر السريعة لم تحظ المواد الاجتماعية وخاصة مادة التاريخ بذلك الاهتمام الذي أخذته المواد الأخرى.
فمازالت النظرة قاصرة تجاه هذا العلم الذي يعد وعاء كل أمة، وسجل تاريخ الإنسانية جمعاء، اذ منه نقف على الدروس والعبر، ونشهد مسار الإنسان اجتماعياً وثقافياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً، فهو باختصار التجربة الإنسانية من جميع نواحيها.
وفيما يخصنا يعد التاريخ الإسلامي هو النبع الفياض الذي يعطي الشعور بالانتماء إلى أمة صنعت لها مجداً، ونقف على فعل المسلمين الاوائل من فتح وحضارة وإنجازات علمية وثقافية نستشعر معها قيمة تلك الأمة السالفة التي اثبتت للعالم أجمع أنها خير أمة أخرجت للناس، والتي تجعل المسلم أيا كان موقعه يفتخر بانتمائه إليها.
والسؤال: هل تدرس مواده في مدارسنا وجامعاتنا على الوجه الذي يقدم صورته المشرقة للملتقي؟ وهل يقدم بطريقة يتم من خلالها التفاعل مع مادته، ويعكس تأثيره على المتلقين ليتعرفوا على جوانب من ماضيهم المجيد؟
أما التاريخ المحلي وأعني به تاريخ المملكة العربية السعودية فهو تاريخ حافل، غير أن مادته العلمية التي تدرس في التعليم العام وحتى في التعليم الجامعي تركز بالدرجة الأولى على الفعل السياسي والعسكري، وهما إن كانا مطلوبين في إطار التوضيح وتبين الجهد الذي بذل في بناء الكيان السياسي إلا أن الفعل الاجتماعي والثقافي قاصران وغير واضحين في المناهج رغم وجود مادة علمية ثرية تحفظها الوثائق والمخطوطات والروايات الشفهية.
إن السؤال الذي يطرح نفسه فيما يخص التاريخ المحلي هو:
كم من هذا الجيل من يعرف خصائص المجتمع السابق، تلك الخصائص التي تعكس قيم ومثل ومبادئ عليا خبت مع مرور الزمن جزئياً، وهي توضح أيضا مدى الارتباط بالأرض كوطن على امتداد رقعته الكبيرة؟
وهل تم التطرق إلى شواهد كثيرة تبرز لهذا الجيل أنماط الحياة السابقة في كل مناطق المملكة بإيجابياتها وسلبياتها وشخوصها؟
وسوف أكمل الحديث في هذا الموضوع في الأسبوع القادم إن شاء الله.
|