* نجران - أحمد معيدي:
الإعلام.. لغة العصر وأداة مهمة من أدوات المعركة إن لم يكن الأهم، يلهب المشاعر ويحزب الأحزاب ويسهم بفاعلية في صياغة الرأي العام في أي مجتمع.
وكذلك فهو وسيلة تثقيف وترويح، كما وسيلة تخريب وتجريح، أجاد الغرب استخدام مقوماته بينما ما زلنا نحبو على أولى عتباته.
«الجزيرة» أجرت تحقيقاً حول أهمية الدور الإعلامي في ظل الظروف الراهنة وناقشت مقترحا حول تجسيد الجانب الأكاديمي للإعلام منذ وقت مبكر بدلا من الاعتماد على الجامعات فقط، ولماذا لا يتم تدريس الإعلام في المدارس كمادة مستقلة تشمل وسائله كالصحافة والإذاعة والعلاقات والرأي العام ومدى امكانية تنفيذ هذه الفكرة في الواقع وذلك إيماناً بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في الوقت الراهن في كافة المجالات الحياتية وما يشهده المجال الإعلامي من طفرة كمية وكيفية أسهمت وتسهم في إدارة الرأي العام ومدى حاجتنا إلى الوعي والإدراك الكامل لهذا الدور عن طريق تدريس الإعلام للطلاب في سن مبكرة بدلاً من تركه جزئية ثانوية من جزئيات النشاط.
في البداية تحدث رئيس قسم خدمات الطلاب بتعليم نجران منصور بن سعيد القحطاني قائلاً: في زمن ضاقت فيه وسائل الإعلام المختلفة ببرامج كثيرة ومختلفة، فكل يعرض سلعته ويروج لها ويتفنن في كسب عقل وقلب المتابع ما بين الغث والسمين، ولعل ما نشهده من منافسة بين القنوات الفضائية فيما بينها وتهافت المشاهدين عليها وكم التأثير الذي تحدثه على المفاهيم، وقلب الحقائق لهو أوضح دليل على الدور الإعلامي بوسائله المختلفة.
فكما أن الآخرين استخدموا وسائلهم لتشويه صورة الإسلام فنحن ملزمون بتغيير هذه الصورة وتجديدها والتعريف بسماحة ديننا وكرم أخلاقنا وسمو مبادئنا.
أما عن فكرة تدريس مادة الإعلام في مدارسنا فهي فكرة جديرة بالبحث والتجريب والاهتمام ليقف الطالب منذ نعومة أظفاره على مبادئ وأساسيات الإعلام الهادف البناء ليتفاعل معها أثناء ممارسته للمناشط التربوية، ومن خلال الإذاعة والفسح والمناسبات والحفلات المتنوعة، ولعل حاجتنا للتعريف بالإعلام ووسائله وطرقه تظهر بصورة جيدة وجدية مع بروز الكثير من المواهب الإبداعية والإلقاء والأدب والشعر وكتابة القصة القصيرة والمقال والخطابة بين طلابنا، مما يحتم علينا مواكبة هذه الهمم والرقي بها للإسهام في رفعة هذا البلد الطاهر ونشر عقيدتنا في مشارق الأرض ومغاربها.
عصر العولمة
أما مشرف التوجيه والإرشاد عايض علي عسيري فقال: لا يحتاج المرء إلى مقدمة كي يتحدث عن الإعلام في مفهومه وأهميته وعالميته لأنه يتحدث عن نفسه خصوصا في عصر العولمة والتقارب العالمي الذي كان فيه الإعلام اللاعب الأكبر في كافة المجالات.
ودور الإعلام في المدارس موضوع ذو أهمية كبيرة حيث انه منذ فترة طويلة لم يكن إعلام وزارتنا الموقرة إعلاماً كافياً يعبر عنها ويشرح همومها ويعرض إنجازاتها إلى وقت قريب حيث استحدثت إدارة الإعلام التربوي ضمن آلية عمل العلاقات العامة بالوزارة وعنيت بإيجاد وإصدار مجلة المعرفة وعدد هائل من المطبوعات والمنشورات والجداول والبيانات التي أعطت أهمية أخرى في عيون المجتمع مما دفع بإدارة الإعلام التربوي إلى التركيز على المدرسة مصدر قوى المعلومات لأنها تضم بين جنباتها الطالب شغل الأسرة الشاغل ومستقبل الوطن الواعد، ومن هنا تم تخصيص منسق إعلامي في كل مدرسة ليتابع الموهوبين والمبتكرين إضافة إلى وجود الإذاعة الصباحية.
وأضاف: وأرى أنه بتطور وسائل الحياة وتفكير الإنسان وتقارب المجتمعات في قرية كونية لذا صار لا بد من إيجاد منهج إعلامي متكامل وفق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف لمواجهة الغزو الفكري والانحراف الأخلاقي الذي أفرزته الحضارة الإنسانية على أن يتم تمييز المنهج بالأصالة والجدة والموضوعية والتحديث الدائم وتنويع المحتوى ليشمل جميع وسائل الإعلام التي تغير في مفاهيم الشعوب في السلم والحرب.
أين الخطط؟
وقال مدير إدارة التطوير التربوي محمد ناجي آل سعد: إن مثل هذا الإجراء «تدريس الإعلام» يتطلب وضع خطط منهجية مدروسة تبدأ أولاً بعقد اللقاءات على مستوى الوزارة يشترك فيها قيادات تربوية لها تميزها في الميدان التربوي ثم يتدرج الأمر لعقد لقاءات بين المختصين في المناهج على مستوى الوزارة والمناطق التعليمية للنظر فيما تتطلبه خطة تدريس الإعلام في المدارس وعرض ما توصلت إليه اللقاءات على تربويين ذوي خبرة في ذلك المجال قبل عرضها على صناع القرار.
بعد ذلك يتم تجريب الوضع على عينات عشوائية من مناطق المملكة التعليمية ودراسة التجربة ونتائجها، ثم الرفع بها إلى مقام الوزارة ليتم بالفعل وضع الأسس الصحيحة لبناء الوعي الإعلامي السليم المبني على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وما دام الإعلام بهذه الأهمية فإنه ولا شك يضطلع بدور بارز في القضايا الأمنية لمكافحة الإرهاب مثلاً وللإعلام مساهمة فعالة في التربية الصحية للفرد، ولا بد من تفعيل تلك المساهمة من خلال المدرسة وما يدرس فيها من برامج هادفة.
وأضاف ناجي نعم آن الأوان لنبدأ بالتفكير بوضع منهج متطور حديث يعنى بوسائل الإعلام وامكانية تدريسها لأن ذلك وارد لا محالة وعلينا أن نسبق الزمن في ذلك وأن نمشي بخطى واضحة وثابتة بعيدا عن الارتجالية الذي يعتريها الخلل عند التنفيذ.
غير مجد
أما الشاعر وعضو رابطة الأدب الإسلامي شريف عبدالقادر قاسم فقد كان له رأيه في تدريس الإعلام كمادة مستقلة فقال لا شك أن الإعلام بكل قنواته وفروعه المرئية والمقروءة والمسموعة له عظيم الأثر في توجيه وإعداد المجتمع إذا ما أحسن توجيهه و إثراءه المشرفون عليه بالعديد من القيم المؤثرة.
وتدريس الإعلام كمادة مستقلة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة غير مجد، لأن إضافة مادة جديدة ومستقلة على طلاب هاتين المرحلتين يكون عبئاً وبلا ثمرات يمكن أن يجنيها الطالب، ولكن رغم معارضته لفكرة تدريس الإعلام كمادة لوحده إلا أنه أقترح تدريسه بطريقة أخرى فقال من الممكن والمفيد أن تحدد بعض المحاور الرئيسة والمهمة في مجال الإعلام، على شكل مواضيع هادفة وتوضع ضمن منهج القراءة والتعبير أو التربية الوطنية لتكون حصيلة الطالب مناسبة حول الإعلام ووسائله ودوره، بحيث لو جمعت كل هذه الدروس المتناثرة في مختلف المواد لكانت منهجا مفيدا يستغله الطالب الذي يرغب في دراسته في المراحل العليا.
أما في المرحلة الثانوية فيمكن أن يجعل لمادة الإعلام «ملزمة» من عشرين إلى خمسين صفحة ضمن مادة التربية الوطنية أو غيرها في غير القسم العلمي، حيث تتناول تلك الصفحات الخطوط العريضة للإعلام لتوجد الوعي المبكر لدى الطلاب الراغبين في دراسة الإعلام في الجامعات أو المعاهد.
وفي ظل منطقية الفكرة والحاجة إليها في وقتنا الراهن يتبقى على المشرفين على المناهج في وزارة المعارف أخذ هذه الفكرة على محمل الجد، فلقد أصبحنا بحاجة إلى ألسنة وأقلام فاعلة تصقلها المنهجية وتنميها الخبرة والمعرفة للذود عن ديننا ووطننا وقيمنا السامية ومكتسباتنا العظيمة.
|