بالقدر الذي تتمكن فيه الأمم المتحدة من العمل باستقلالية في العراق فإنه يمكن توقع نتائج جيدة لمهمتها، وبعكس ذلك فإن أي تدخل في هذه المهمة قد ينسف المهمة من أساسها.
إن عودة الأمم المتحدة الى هذا البلد المضطرب تجيء بعد مايقارب الستة أشهر من خروجها في سبتمبر الماضي بعد انفجار راح ضحيته كثير من العاملين لديها وعلى رأسهم رئيس البعثة. وتتركز مهمة البعثة التي يترأسها السفير الأخضر الابراهيمي في تقصي الحقائق حول امكانية اجراء الانتخابات المرتقبة وهذه مهمة تقتضي التحسس الدقيق لنبض العراق ومعرفة تطلعات أهله وهو أمر يستلزم أيضا الاطلاع على وجهات نظر كل ألوان الطيف العراقي بالطريقة التي تتوافر معها معرفة واسعة وعميقة بما يريده العراقيون.
المخاوف التي تتعلق بهذه المهمة تنشأ أساساً من الطبيعة غير المستقرة للعراق بكل ما تنطوي عليه من مراكز للقوة والنفوذ ومحاولات البعض تغليب وجهات نظره وفقاً لسيادة منطق القوة والهيمنة في ساحة تستجيب وتتعامل مع مثل ذلك المنطق الذي يفرض نفسه من خلال مظاهر القتل والانفجارات والتهديدات والاعمال المسلحة.
ولأن هذه الحالة هي ذاتها من دواعي التعجيل بإيجاد الحكومة الشرعية فإن تعاونا مختلف القوى في العراق بما في ذلك قوات الاحتلال ومجلس الحكم والهيئات السياسية والطوائف يصبح ضرورياً مع بعثة الأمم المتحدة.
لقد تجاوزت الولايات المتحدة (قوة الاحتلال الرئيسة) الأمم المتحدة وهي تشن الحرب على العراق، لكنها كانت وراء عودة المنظمة الدولية الى العراق بعد أن أدركت ضرورة الحاجة الى مظلة دولية في كل المهام التي تتعلق بالعراق من حفظ الأمن الى الانتخابات وتشكيل الحكم الوطني، وبعد أن رأت الخسائر البشرية الكبيرة التي تتعرض لها مع مايرتبط بذلك من عداوات وأحقاد، وأخيراً صورة تبقى على مر الزمن عن المرارات والمآسي الناجمة عن الاحتلال.
|