أعتقد أن شركة عبداللطيف جميل تمتلك وعيا اقتصاديا جميلا راقيا ومتجاوزا لتلك العلاقة التقليدية التي اعتدنا ان نرى رؤوس الأموال المحلية عليها، فهي علاقة تبادلية تعيد بكثير من الامتنان بعضا من القطاف للوطن الأشمل، بأسلوب ينأى عن الشراهة التي تميز رؤوس الأموال وحرصها على الاسئثار بأكبر حجم من الكعكة.
فإضافة إلى مشروع التدريب الوطني الذي تنظمه وتسهم به هذه الشركة تجاه شباب وفتيات يمتلكون الحماس والرغبة في العمل وتهيئة الفرص اللامتناهية لتشغيلهم، فقد قرأت عبر الصحف خبرا عن عزم الشركة نفسها على إنشاء جناح خاص للفن الإسلامي في المتحف البريطاني. والجميع يعرف المكانة العالمية التي يتميز بها المتحف البريطاني بين متاحف العالم, وعن أعداد الزوار الهائلة التي تؤمه من اصقاع العالم، فأنت لم تزر لندن إذا لم تعرج على المتحف البريطاني، هذه الملايين التي ستشهد محتويات المتحف ستتعرف على الإسلام كحضارة وكفن وكمشارك رسمي في صناعة الحضارة البشرية، وليس كما هو مروج له الآن في الإعلام الغربي كمجموعة من المتفجرات يطوف بها جماعة من الملتحين المتعصبين يهددون أمن وأمان العالم.
أذكر حينما زرت المتحف الوطني ببيروت ازعجني أن الجزء المخصص للثقافة الإسلامية في ذلك المتحف كان جزءا بسيطا هامشيا، وحينما سألت المسؤولين عن السبب قالوا لي: بإمكانكم مشاهدة الفن الإسلامي في متحف صيدا، فعندها عرفت مع الأسف أن الطائفية وصلت إلى عظام المتحف. على كل حال المنجز التاريخي والحضاري للشعوب هو ملك للبشرية جمعاء ولا يستأثر به شعب دون الآخر الا عبر الخلود، فالشعوب التي تبني وتصنع وتعالج وتمنح فنا جميلا راقيا هي وحدها التي تستحق الخلود.
شركة عبداللطيف جميل دفعت عشرة ملايين دولار لتمسح غبار (11) سبتمبر عن جبين التاريخ، اختارت هذا الخيار بشكل واعٍ ومسؤول، ولم تموِّل أناسا ليعتلوا المنبر وسط الهايد بارك، ليشتمون الغرب وحضارته وفساده وانحلاله تحت وَهم امتلاكهم الحقيقة الكاملة دون العالمين ومن ثمَّ يغادرون الى منازلهم تحت حماية الشرطي الانجليزي.
|