** إياك.. أو بمعنى آخر وأقرب للذهن احذر من أن تحاول إصلاح ما ليس هو بحاجة إلى إصلاح. فالعبث بما هو ليس عليلاً كفيل بجعله عليلاً.
** ومن ضمن دواعي هذا التحذير (الغريب!) ما يتمثل في حقيقة أن صلاح العديد من الأشياء في الحياة يكمن (أحياناً) في تركها على ما هي عليه طالما أنها في حالة سليمة. فلا غرو أن حذر أحد بنود قانون الفيلسوف الأمريكي الساخر المعروف باسمه (قانون ميرفي: Murphy- s Law)ِمن محاولة إصلاح (الصالح) من الأشياء لا سيما في ظل حقيقة تذكير هذا الفيلسوف بالحتمية الماثلة في أن «ما مصيره الخراب سيخرب لا محالة: If Anything .can go wrong, it will .
** وغني عن القول إن مثل هذا التحذير يسري على كافة شؤون الحياة المادية منها والمعنوية. ففي علم الجريمة والعدالة الجنائية على سبيل المثال يؤكد المختصون بأن سن نظام ما لشيء ما دون حاجة ملحة ليس إلا شرعنة لتواجد هذا الشيء وانبعاثه من باطن اللاموجود إلى سطح الوجود. إن في ذلك بالأحرى جلباً له إلى الاذهان ووضعه وجها لوجه أمام غرائز الفضول الإنساني بمجرد الحط به في دوائر (الممنوع) حيث حينها يستثير غريزة الأفراد مما بالتالي يدخله ضمن محيط (الممنوع المتبوع).
** فلا غرو أن شدد أجدادنا بعاميتهم (العالمة - العليمة!) تحذيراً بأقوال من قبيل (لا تحرك ساكن!).. (ولماذا؟!) .. خوفاً من قانون (حرك تبلش) . وقد صدقوا في ذلك، فكم من مرة قام أحدنا بالعبث (بضرسه) فقط ليوقظ الألم في جذوره ولينقله من سرير الصحة إلى صرير الألم والإيلام، وكم من عملية بسيطة قادت إلى عمليات معقدة، بل وكم من عملية تجميل تحولت إلى عملية تشويه وتدمير؟!
** حتى الكحل غير اللازم قد يحرك ساكنا مؤداه العمى..، أو ألم يتمثلوا بالقول (جاء ليكحلها فأعماها؟!) .. فما يدريك..؟ فلعل هذه العين المكحولة (العمياء) كانت أصلاً حوراء كحيلة بالطبيعة وليست بحاجة إلى كحل (أثمدي) ابتداءً!!
** ختاماً.. (لا تحرك تبلش).. وإلا فلربما أضحى مآلك مثل مآل الرجل (النهم- الجشع) الذي خرج إلى الصحراء ليبحث عن عشاء رغم شبعه، فكان أن (ابتلش) بذئب جائع أكله في النهاية لتذهب قصته مثلاً عربياً قحاً نصه: (سقط العشاء به على سَرْحان).. وسرحان هنا هو الذئب (البلشة).. أو البلش.. لا فرق..
|