تعتبر المرحلة الحالية بما تحتويه من تقلبات عالمية وإقليمية وبما تشهده من صراعات فكرية وثقافية من اهم واخطر المراحل التي قد يكون لها اثر بارز في تشكيل واقع ومستقبل المجتمع السعودي. وإذا كنا لا نحتاج إلى الغوص في تفاصيل الصراعات الفكرية والمذهبية فإن التداعيات السلبية للأحداث الإقليمية ذات البعد السياسي والاقتصادي قد تطال العمق الوطني وقد تسهم في إحداث خلل هيكلي في مساق التنمية الوطنية ومسار الاستقرار الأمني والمجتمعي. وبالتالي فإن خطورة هذه المرحلة توجب على كافة مكونات المجتمع السعودي تجاوز الخلافات الثقافية والفكرية والتركيز على تهيئة البيت السعودي لمواجهة الاخطار الخارجية وحمايته من التفكك الهيكلي الذي قد يخدم أغراض الحملة الصهيونية الشرسة التي يقودها اعوان بني صهيون في كافة ارجاء المعمورة ضد المملكة العربية السعودية وضد دورها المؤثر في اوساط المجتمعات الإسلامية والدولية. وفي اعتقادي أنه من الأولى في الوقت الراهن أن تخصص منتديات الحوار الوطني لمناقشة ووضع استراتيجية وطنية لمواجهة تداعيات الواقع السياسي والاقتصادي والأمني ولتعزيز مكاسبنا التنموية والحد من مسببات الفرقة الوطنية والتفكك المجتمعي. فمن خلال هذه المنتديات الوطنية يمكن لنا دراسة واقعنا ووضع الوصفة الناجعة لحماية المجتمع من المخاطر السياسية التي قد تترتب على الاحداث السياسية في الساحتين العالمية والإقليمية، ويمكن لنا وضع خطة وطنية تستهدف زيادة وتنمية مقدراتنا الاقتصادية والحد من عوامل التخلف التنموي التي يأتي في مقدمتها عدم القدرة على تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية والبشرية المتاحة، ويمكن لنا مراجعة وتحديث انظمتنا الوطنية المختلفة حتى تتمكن من مواكبة المستجدات المحلية والعالمية وحتى تستطيع فرض نفسها على اصحاب المصالح الخاصة الذين لا يقيمون اعتباراً لمصلحة الوطن والمواطن. ومن خلال هذه المنتديات الوطنية يمكن لنا ايضا تحديد شكل الوحدة الوطنية التي نريد والآليات اللازمة لصيانتها والمحافظة على مرتكزاتها والتعرف على اشكال ومسببات التفكك المجتمعي واقتراح الاجراءات الكافية لمواجهتها والحد من تداعياتها. ونشير هنا الى أننا لا نريد لهذه المنتديات ان تكون بديلاً عن الاجهزة الحكومية المختصة ولكن نريدها ان تكون سنداً قوياً للمسئول تقدم خلاصة ما يراه المختص والمهتم بمصداقية عالية دون تأثر بمحيط العمل الإداري وما قد يترتب عيه من عدم القدرة على ترتيب الاولويات وفقاً للمصلحة الوطنية ومن عدم القدرة على طرح وجهة النظر بواقعية ومنطقية متجردة.
يا سادة.. نحتاج الى القول بحاجة وطننا الى تفعيل دور الكل في خدمة الوطن حتى لا ننشغل بهموم واختلافات الافراد وحتى لا نستنفذ الجهد قبل الشروع في مواجهة قضايا الوطن وتطوير الذات الوطنية التي تمثل المنطلق الرئيس للتنمية الوطنية المستدامة. ومن هذا المنطلق فاننا نتطلع الى ان يرتقي حوارنا الوطني ليلامس بفاعلية وكفاءة عالية هموم الوطن والمواطن وليقدم بوطنية مخلصة انموذجاً سعودياً مثالياً في التعامل مع المستجدات والاختلافات ومع متطلبات التنمية الوطنية الشاملة. نتمنى ذلك.
|