ما كان يتخوف من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية قد حصل..!! فالبيان الذي حمل توقيع ثلاثمائة وسبعين عضواً من اعضاء حركة فتح الذي يحمل استقالتهم الى الرئيس ياسر عرفات يكشف ان حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية ليست بمنأى عن حالة التدهور التي اصابت المؤسسات الفلسطينية، فحركة (فتح) ليست ككل الفصائل الفلسطينية، وهي وان كانت ولا تزال أكبر الفصائل من حيث عدد اعضائها وفعاليتها وقوة تنظيمها، إلا انها بالاضافة الى هذا وذاك، تعد هيكل واطار السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن هنا فان اي شرخ يصيب هذه الحركة هو بالتأكيد شرخ للسلطة نفسها.
والآن ومن خلال تحليل بعض العبارات التي وردت في بيان الاستقالة، تشير الى ان البيان مؤشر خطير ليس فقط لأنه قد يؤدي الى انقسام حركة فتح، بل ايضاً الى تفتت السلطة الوطنية الفلسطينية، فهؤلاء الموقعون على البيان والذي بلغ عددهم 370 شخصاً مرشحون للزيادة، وأهميتهم في مواقعهم التنظيمية فهم وكما وصفوا انفسهم بأنهم (كادر وسط) وهنا تكمن اهميتهم، ففي اي تنظيم جماهيري كما هو في حركة فتح، وفصائل المقاومة الفلسطينية، صلة تربط القاعدة التنظيمية للحركة مع قادتها، واستقالة (الوسيط) او تمرده يعني انقطاع الصلة بين القاعدة والقيادة، وتصبح هذه القيادة معزولة ان تخلى (الوسيط) عن دوره، والأخطر من ذلك ان يأخذ هذا الوسيط دور القيادة من خلال تنفيذ المطالب التي وردت في البيان، فالذين وقعوا البيان والذين سيتجاوز عددهم الـ370 لأن مطالبهم تحظى بتأييد الكثير من كوادر حركة فتح ويؤيدها بعض القيادات الفتحاوية التي فضلت في الاشهر الاخيرة تجميد انشطتها، ولهذا فان عدد المستقيلين او (المتمردين) سيرتفع وستبادر بعض القيادات
إلى تبني مطالبهم ان لم تكن تلك القيادات هي التي دفعت (كادر الوسط) الى القيام بهذه المبادرة، وهنا يصبح امام القيادة الفلسطينية اجرائان لا ثالث لهما، اما الاستجابة الى مطلب اجراء انتخابات لاختيار اعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري لحركة فتح، او رفض المطالب وعندها يتم التصعيد من قبل المستقيلين ومن يدفعهم وهنا تحصل (الطامة الكبرى) حيث يحصل الانقسام وتنقسم فتح الى فصيلين (فصيل الحرس القديم) و(فصيل الكادر الشاب) وهو ما ينعكس سلباً على السلطة الوطنية الفلسطينية التي ستفقد قوتها الميدانية.. مما يعزز واقعا خطيرا حيث يصبح كل اقليم فلسطيني تحت سيطرة الاقوى ميدانياً وهنا يصبح الصراع قوياً بين حركتي حماس والجهاد من جهة والمتمردين من فتح، مع عدم اغفال المدعومين من سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
|