يحدث أن يشتكي بعض الناس من اعوجاج في وضع الفك بعد آلام مبرحة بالأذن، أو أثر التعرض لحادث مروري أو لأسباب غير معروفة, وعندما يراجع الطبيب يفاجأ بأنه مصاب بشلل في العصب الوجهي فيعتريه القلق والاضطراب، دون أدنى معرفة بماهية هذا العصب أو أسباب ودرجات إصابته بالشلل واحتمالات الشفاء.. وغيرها من التساؤلات يتحدث عنها د.بدر محمد سعيد ولد علي استشاري الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الحمادي بالرياض فيقول: لمعرفة كيفية وأسباب حدوث شلل العصب الوجهي، لابد أن نعرف أولاً ان العصب الوجهي أو العصب السابع هو المسؤول عن تحريك عضلات الوجه وتعصيبها، ويوجد في هذا العصب أربعة أنواع من الألياف هي كالآتي:
1 - ألياف صادرة إلى عضلات التعبير في الوجه والعنق.
2 - ألياف صادرة إلى الغدد تحت الفكية وتحت اللسان.
3 - ألياف واردة تنقل الذوق من اللسان.
4 - ألياف واردة حسية تنقل الحس.
ومعرفة تشريح ووظيفة العصب الوجهي تساعد على تعيين مكان الإصابة في مختلف حالات الشلل الوجهي، وبتقدم جراحة العصب الوجهي، فإن تعيين مكان الإصابة أصبح ذا أهمية كبيرة، وأصبح للتشخيص الكهربائي أهمية عظيمة في دعم التشخيص السريري لمعرفة درجة تأذي العصب وخاصة في حالة الشلل التام، حيث لا يمكن سريرياً تمييز الشلل الوظيفي من التنكس، كما يفيد في معرفة حالة العضلات، وهناك عدة فحوصات للتشخيص الكهربائي وهي اختبار تنبه العصب، واختبار الشدة والمدة، وتخطيط العضلات الكهربائي، حيث تعطي العضلات مخططاً طبيعياً او تلفياً.
وحول أسباب الشلل الوجهي يضيف د. ولد علي: لعل من أهم هذه الأسباب الإصابات التي تلي رضوض الجمجمة، ويحدث الشلل عادة في حالات كسور العظم الصدغي، حيث يمكن أن يصاب العصب الوجهي في أحد أقسامه في العظم، وقد تكون انصباباً دموياً ووذمة، وقد تكون انضغاطاً بشظية اندخلت في قناة العصب، وقد يكون انقطاعا جزئياً أو كلياً في العصب.
ومن الناحية السريرية يجب أن نميز بين حالتين: الأولى ان يظهر الشلل الكامل مباشرة بعد الحادث وهو يتطلب تدخلا جراحيا حالما تسمح حالة المريض العامة، حيث يكشف العصب فإذا وجدت شظية مندخلة رفعت، وإذا كان العصب مقطوعاً قربت حوافه، أو وضع طعم عصبي بين النهايتين، والحالة الثانية ان يظهر الشلل متأخرا عدة أيام بعد الحادث، وهذا يدل غالباً على حدوث انصباب دموي، ويمكن في هذه الحالة الانتظار مع مراقبة المريض، فإما ان يميل إلى التحسن أو يزداد الشلل بسرعة، وعندئذ تصبح المداخلة الجراحية لابد منها.
وعن الأسباب الأخرى للإصابة بالشلل الوجهي يقول د. ولد علي: هناك اختلاط لالتهاب الأذن الوسطى ويعالج عادة بالمضادات الحيوية، وشق غشاء الطبلة والكورتيزون، وقد يحدث الشلل نتيجة لالتهاب مزمن في الأذن الوسطى، ووجود ورم كولسترولي وهذا يدعو للتدخل الجراحي السريع، وهناك نوع من الشلل يسمى بشلل بلز، وهو مجهول السبب، وبعض الدراسات تعتبره نتيجة التهاب بحمى راشحة، ودراسات أخرى تعتبره نتيجة تعرض للبرد، أو لعوامل أخرى تؤدي إلى تشنج وعائي وحدوث وذمة في العصب، تؤدي إلى انضغاط في قناته الضيقة وبالتالي إلى ازدياد في سوء الدوران وازدياد في الوذمة.
وفي جميع الحالات فإن الشلل الوجهي يبدأ سريرياً خلسة وينمو بسرعة متفاوتة، وقد يبقى جزئياً أو يصبح كاملاً، وإذا لم يصبح الشلل كاملاً خلال أسبوع من بدئه فهذا يعطي مؤشرا حسنا على ان الشفاء سيكون كاملاً، وقد يترافق الشلل أو يسبق بألم في الأذن أو خلفها ويعتبر البعض هذا العرض علامة سيئة بالنسبة للإنذار، وعموماً يسير بأشكال متفاوتة الشدة، ويقدر أن 85% من الحالات يشفى شفاء تاماً، بينما 15% يترك أثراً ظاهرا مختلف الدرجة.
وهناك معالجات كثيرة طرحت لشلل بلز، منها موسعات الأوعية، ومنها الكورتيزون والفيتامين ب، ومنها كشف العصب الوجهي جراحيا لمنع الضغط عليه، ومن المفيد أن نذكر أن الأعمال الجراحية التي يمكن اجراؤها في حالة الشلل الوجهي غالبا ما تتألف من: كشف العصب الوجهي لتخفيف الضغط عليه، أو مفاغرة نهايتي العصب في حال انقطاعه ومحاولة ايصالهما ببعضهما أو عمليات تصنيعية تجرى على عضلات الوجه لتخفيف التشوه الناتج عن شلل العصب الوجهي.
|